الدينوري ، وهو من
علماء الجغرافية : أنّها بمقدار غلوة من منزل الحسين (عليه السّلام). ونحن نضمّ
صوتنا إلى صوت العلاّمة المظفّري ؛ إذ ما نقله هو عين الصواب ، كما وقفنا على ذلك
في مصادر وثيقة. قال الدينوري
: حتّى انتهى الحسين إلى نينوى ، فإذا هو براكب على نجيب مقبل من الكوفة ، فوقفوا
جميعاً ينتظرونه ، فلمّا انتهى إليهم سلّم على الحرّ ولم يسلّم على الحسين (عليه
السّلام) ، ثمّ ناول الحرّ كتاباً من عبيد الله بن زياد فقرأه فإذا فيه : أمّا بعد
، فجعجع بالحسين بن علي وأصحابه بالمكان الذي يوافقك كتابي ، ولا تحلّه إلا
بالعراء ، على غير خمر ولا ماء ، وقد أمرت حامل كتابي هذا أن يخبرني بما يشاهده
منك في ذلك ، والسلام. فقرأ الحرّ الكتاب ، ثمّ ناوله الحسين (عليه السّلام) ، وقال
: لا بدّ من إنفاذ أمر الأمير عبيد الله بن زياد ، فانزل بهذا المكان ، ولا تجعل
للأمير عليّ علّة. فقال الحسين (عليه السّلام) : «تقدّم بنا قليلاً إلى هذه القرية
التي هي على غلوة ، وهي الغاضرية ، أو هذه الاُخرى التي تسمّى (السقبة) فننزل في
أحدهما». فقال : إنّ الأمير كتب إليّ أن أحلّك على غير ماء ، ولا بدّ من الانتهاء
إلى أمره. فقال زهير بن القين للحسين : بأبي واُمي يابن رسول الله! لو لم يأتنا
غير هؤلاء لكان لنا بهم كفاية ، فكيف بمَنْ سيأتينا من غيرهم؟ فقال الحسين (عليه
السّلام) : «فإنّي أكره أن أبدأهم بقتال حتّى يبدؤونا». فقال له زهير : فها هنا
قرية بالقرب منّا على شطّ الفرات (وهي في عاقول) حصينة ، والفرات يحدق بها إلاّ من
وجه واحد. فقال الحسين (عليه السّلام) : «وما اسم تلك القرية؟». فقال : العقر ، فقال
الحسين (عليه السّلام) : نعوذ بالله من العقر. فقال للحرّ : «سر بنا قليلاً ثمّ
ننزل». فسار معه حتّى أتوا إلى كربلاء ، فوقف الحرّ وأصحابه أمام الحسين (عليه
السّلام) ومنعوهم من المسير ، وقال : انزل بهذا المكان ، فالفرات منك قريب. فقال
الحسين (عليه السّلام) : «وما اسم هذا المكان؟». قالوا له : كربلاء. فقال : «ذات
كرب وبلاء ، ولقد مرّ أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صفين وأنا
__________________