رضي الله عنه في سفره
فمررنا بأرض كربلاء ، فقال علي (عليه السّلام) : «ها هنا مناخ ركابهم ، وموضع
رحالهم ، ومهراق دمائهم ؛ فئة من آل محمد (صلّى الله عليه وآله) يُقتلون في هذه
العرصة تبكي عليهم السماء والأرض» .
وروى الشيخ فخر الدين الطريحي (ره)
قال : كربلاء موضع معروف ، وبها قبر الحسين بن علي (عليه السّلام) ، وروى أنّه
اشترى النواحي التي فيها قبره من أهل (نينوى ، والغاضرية) بستين ألف درهم ، وتصدّق
بها عليهم ، واشترط عليهم بأن يرشدوا إلى قبره ، ويضيّفوا مَنْ زاره ثلاثة أيّام ،
وقد رووه عن الأئمة الطاهرين ، فهم لا يتردّدون في صحته ، ولا يرتابون فيه. أقول :
إنّي لا أشك أنّ الحسين (عليه السّلام) لمّا علم أنّ القوم غير تاركيه ، وأنّهم
سوف يقتلونه وينتهبون ثقله كما جرى ذلك ، فكلّ ما كان يحمله من النقد دفعه إلى بني
أسد من أهل السواد ، وطلب (عليه السّلام) ابتياع هذه البقعة منهم. والذي يحقّق ذلك
أنّ أهل الكوفة بعد مقتله حصلوا على غنائم وافرة ، بل على كلّ متاع الحسين (عليه
السّلام) نهباً ، وذكروا أشياء منه حتّى الورس وغيره ، ولم يذكروا هناك أنّهم
عثروا على نقود في متاعه عندما انتهبوه ؛ فعلى هذا صح أنّ الحسين (عليه السّلام) دفع
لبني أسد كلّ ما كان في خزانته ، وابتاع منهم هذه الأرض كي لا تضيع معالم قبره ؛
لعلمه (عليه السّلام) أنّ قبره سوف يكون مزاراً لشيعته من أمّة جدّه محمد (صلّى
الله عليه وآله) ، وقد ذكرها الشعراء بأشعارهم. هذه عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل
ترثي الحسين (عليه السّلام) ، وتذكر كربلاء ، وقولها :
وا حسيناً فلا نسيتُ حسينا
|
|
أقصدتهُ أسنّةُ الأعداءِ
|
غادروه بكربلاءَ صريعاً
|
|
لا سقى الغيثُ جانبي كربلاء
|
وذكر سبط ابن الجوزي في تذكرته أنّه قال
السدي : أوّل مَنْ رثى الحسين (عليه السّلام) عقبة بن عمرو العبسي قال :
إذا العينُ قرّت في الحياةِ وأنتمُ
|
|
تخافونَ في الدنيا فأظلمَ نورُها
|
__________________