هنا يضطربون ـ لاحظوا ـ يقولون : إنّ التحريم والتحليل تكرّرا ، حلّلها رسول الله في موطن ، ثمّ في الموطن اللاحق حرّمها ، في الموطن الثالث حلّلها ، في الموطن الرابع حرّمها ... وهكذا ، حتّى يجمع بين هذه الأقوال والروايات.
لاحظوا عنوان مسلم يقول : باب نكاح المتعة وبيان أنّه أُبيح ثمّ نسخ ثمّ أبيح ثمّ نسخ واستقرّ حكمه إلى يوم القيامة.
لكنّ الروايات والأقوال هي أكثر من مرّتين ، تبلغ السبعة ، ولذا اضطرّ بعضهم أن يقول : أحلّ الرسول المتعة وحرّمها ، أحلّها وحرّمها إلى سبعة مواطن ، وهذا ما التزمه القرطبي في تفسيره (١).
لكنّ ابن القيّم يقول : هذا لم يعهد في الشريعة (٢) ولا يوجد عندنا حكم أحلّه الله سبحانه وتعالى وحرّمه مرّتين ، فكيف إلى سبعة مرّات ؟!
فيظهر أنّها محاولات فاشلة ، ولم يتمكّنوا من إثبات تحريم رسول الله ، وكان الأجدر بهم أن يلتزموا بالقول الثاني ، أي القول بأنّ التحريم من عمر وأنّ سنّته سنّة شرعيّة وتعتبر سنّته من سنّة رسول الله ، وعلى المسلمين أن يأخذوا بها.
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ٥ / ١٣٠.
(٢) زاد المعاد في هدي خير العباد ٢ / ١٨٤.