.................................................................................................
______________________________________________________
فإنّه جعل البابين واحدا وعبّر عنه بالإبدال ، ولكنّه قصر الباب على البدل الضروري في التصريف ، وهو اللازم الذي لا بدّ منه ، على أنه تعرّض لغير الضروري بعد ذلك في فصل مفرد (١) ، ويظهر أن الذي فعله المصنف أولى وأقرب إلى الضبط ، وأجمع لخاطر الناظر في هذا الفن ، فرحمهالله تعالى ، وجزاه عن صنيعه أفضل الجزاء بمنه وكرمه ، وإذا تقرر هذا فاعلم أن المصنف ذكر أوّلا الحروف التي تبدل من غيرها بدلا شائعا جامعا لها في الكلم التي تضمنها متن الكتاب ، وهي اثنان وعشرون (٢) حرفا : اللّام ، والجيم ، والدّال ، والصّاد ، والرّاء ، والفاء ، والشّين ، والكاف ، والسّين ، والهمزة ، والألف ، والميم ، والنون ، والطّاء ، والياء ، والثّاء ، والواو ، والباء ، والعين ، والزّاي ، والتّاء ، والهاء. وبسكوته عن باقي حروف المعجم علم أن غير المذكورات لا تبدل عن غيره ، وهي : الحاء ، والخاء ، والذّال ، والضّاد ، والظّاء ، والغين ، والقاف. واحترز بقوله : الشائع من إبدال الذّال من الدّال ، قرأ الأعمش (٣) (فشرّذ بهم مّن خلفهم) (٤) بذال معجمة (٥) قال ابن جني : لم يمرّ بنا في اللغة تركيب : (ش ر ذ) ، وأوجه ما يصرف إليه ذلك أن تكون الذال بدلا من الدال كما قالوا : لحم خرادل وخراذل ، والمعنى الجامع لهما أنهما مجهوران ومتقاربان (٦) ، وخرّج الزمخشري قراءة الأعمش على أنه من باب ما قلبت فيه لام ـ
__________________
(١) التسهيل (٣١٧).
(٢) هذا ما ذهب إليه ابن مالك ، ونقل ابن يعيش عن الرّماني أنها أربعة عشر حرفا. ابن يعيش (١٠ / ٨) ، وذكر سيبويه (٢ / ٣١٣) ، والمبرد في المقتضب (١ / ١٩٩) ، وأبو علي في التكملة (ص ٢٤٣) ، وابن جني في التصريف الملوكي (ص ١٧) ، وابن عصفور في المقرب (٢ / ١٥٩) : أنها أحد عشر ، ونقل السيوطي في المزهر (١ / ٤٧٤) عن أبي علي القالي في أماليه : أنها اثنا عشر ، أو أنها ثلاثة عشر ، كما ذكر الزمخشري في المفصل (ص ٢٠١) ، وقيل غير ذلك.
(٣) هو سليمان بن مهران الأعمش ، ولد سنة (٦٠ ه) ، وتوفي سنة (١٤٨ ه). غاية النهاية (١ / ٣١٥).
(٤) من قوله تعالى في سورة الأنفال : ٥٧ : (فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ.)
(٥) عزاها الزمخشري في الكشاف (٢ / ١٨٠) ، وابن خالويه في شواذ القرآن (ص ٥٠) إلى ابن مسعود وعزاها البنّاء في الإتحاف (ص ٢٣٨) إلى المطوعي ، وعزاها ابن جني في المحتسب ، ونقله الأشموني (٤ / ٢٨٢) إلى الأعمش ، كما عزاها أبو حيان في التذييل ، ونقله عنه الشارح. وانظر :التبيان (٢ / ٦٢٩).
(٦) المحتسب (١ / ٢٨٠).