[العامل في الجواب]
قال ابن مالك : (وجزم الجواب بفعل الشّرط [لا] بالأداة وحدها ، ولا بهما ، ولا على الجوار خلافا لزاعمي ذلك).
______________________________________________________
المذهب الصحيح ، فإذا كان الجواب صالحا لمباشرة الأداة بان يكون صالحا لكونه شرطا جزم لفظا ، وكان جزمه دليلا على ارتباطه بما قبله ، وإذا لم يكن صالحا للشرطية أتى بـ «الفاء» لتدل على الارتباط ، إذ شأنها أن تصل ما بعدها بما قبلها ، وحكم على محله بالجزم ، فقد ثبت لنا أن «الفاء» إنما يحتاج إليها عند عدم صلاحية ما تباشره لأن يكون شرطا ، ولزم من ذلك أنها إذا باشرت ما هو صالح للشرطية أن يقدر قبله مبتدأ فتصير الجملة اسمية لتكون «الفاء» واقعة موقعا تستحقه ، ولو لم يكن الأمر كذلك لقال النحاة ابتداء : إن ربط الجملة الشرطية المصدرة بالمضارع يكون بأمرين أحدهما : بجزم المضارع ، والآخر : بالفاء ورفعه ، وهم لم يقولوا ذلك.
قال ناظر الجيش : قال الإمام بدر الدين (١) : «اختلف في الجازم لجواب الشرط إذا حذفت منه الفاء ، فعند الكوفيين (٢) هو مجزوم على الجوار كخفض «خرب» من قولهم : هذا جحر ضبّ خرب (٣) ، ويبطله أمور ثلاثة :
أحدها : أن الخفض على الجوار لا يكون واجبا وجزم الجواب واجب.
الثاني : أن الخفض على الجوار لا يجوز إلا بعد مخفوض خفضا لتحصل المشاكلة ، وجزم الجواب يكون بعد جزم ظاهر وغير ظاهر.
الثالث : أن الخفض على الجوار لا يكون مع الاتصال ، وجزم الجواب يكون مع الاتصال والانفصال فعلم أنه ليس مجزوما على الجوار ، فجزمه إما بفعل الشرط ، وإما بأداته ، وإما بهما ، لا جائز أن يكون جزمه بالأداة وحدها ، لأن الجزم في الفعل نظير [٥ / ١٥٧] الجر في الاسم وليس في عوامل الجر ما يعمل في شيئين دون إتباع ، فوجب أن تكون عوامل الجزم كذلك تسوية بين النظيرين ، ولئلا يلزم ترجيح الأضعف على الأقوى ، وأيضا فإن العوامل على ضربين أحدهما : ما يعمل عملا ـ
__________________
(١) انظر شرح التسهيل لبدر الدين (٤ / ٧٩).
(٢) انظر المسألة (ص ٨٤) من مسائل الإنصاف (ص ٦٠٢ ـ ٦١٥) ، وانظر التذييل (٦ / ٨٣٥).
(٣) انظر الكتاب (١ / ٤٣٦) (هارون) والإنصاف (ص ٦٠٧).