.................................................................................................
______________________________________________________
القياس ثم قال (١) : «وأما السماع» فذكر الآية الشريفة ـ أعني قوله تعالى :(أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ)(٢).
ومنها : أنه قد تقدم أن المضارع الصالح للشرطية إذا قرن بـ «الفاء» يجب رفعه كقوله تعالى : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً)(٣) ، وكقراءة حمزة (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى)(٤) أنه ينبغي أن يكون الفعل بعد هذه «الفاء» خبر مبتدأ محذوف ، وأنه لو لا ذلك الحكم بزيادة «الفاء».
وجزم المضارع لأنها حينئذ في تقدير الشرط ، لكن العرب التزمت رفع المضارع بعدها فعلم أنها غير زائدة وأنها داخلة على مبتدأ مقدر كما تدخل على مبتدأ مظهر ، فذكر الشيخ : ذلك (٥) ثم قال (٦) : «وإذا كان على ما قالوا فيكون قوله تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ) على قراءة حمزة (٧) يكون المبتدأ ضمير الشأن أو القصة ، إذ قد رفع الظاهر فليس ثمّ اسم متقدم يعود عليه الضمير فيكون إذ ذاك الضمير ضمير الأمر أو القصة ، ولذلك إذا قلت : إن قام زيد فيقوم عمرو يكون التقدير : فهو يقوم عمرو ، والضمير إذ ذاك ضمير الأمر والشأن ، ثم قال : ويمكن أن يقال : إن ربط الجملة الشرطية المصدر جوابها بالمضارع يكون بأمرين : أحدهما :بجزم المضارع ، والآخر : بالفاء ورفعه ، لأنه لو رفع ولم تدخل الفاء لتوهم فيه أنه على نية التقديم كما قال سيبويه (٨) في قوله : إن قام زيد يقوم عمرو ، فيكون إذ ذاك للربط طريقان ولا يحتاج إلى تكلف الإضمار في كل مكان وخصوصا تكلف إضمار القصة أو الشأن إذا لم يمكن أن يعود الضمير على سابق ، وكما ربطت الفاء الجملة الاسمية كذلك ربطت الجملة الفعلية المصدرة بالمضارع إذا لم يؤثر فيه الشرط الجزم». انتهى.
ولا يخفى أن هذا الذي ذكره فيه هدم لقاعدة الباب ، لأن الأداة طالبة للجواب كما هي طالبة للشرط ، وإذا كانت طالبة كانت منصبة عليه عاملة فيه كما سيأتي أنه ـ
__________________
(١) أي : الشيخ أبو حيان.
(٢) سورة الأنبياء : ٣٤.
(٣) سورة الجن : ١٣.
(٤) سورة البقرة : ٢٨٢.
(٥) انظر التذييل (٦ / ٨٣١ ، ٨٣٢).
(٦) التذييل (٦ / ٨٣٢).
(٧) انظر القراءة المذكورة في السبعة لابن مجاهد (ص ١٩٣) والكشف (١ / ٣٢٠).
(٨) انظر الكتاب (٣ / ٦٦).