......
______________________________________________________
أولاهما ومسببية الثانية. وهذا التعليق نوعان : تعليق ماض على ماض ، وتعليق مستقبل على مستقبل ، فالنوع الأول له حرفان : لو ولو لا ، وأكثر ما تصحب «لو» بناء الماضي نحو : لو قام زيد قام عمرو ، وقد تصحب المضارع ولا تجزمه ؛ لأنها لما قل استعمالها مع المضارع لم يقبل أن تؤثر فيه وتعمل عمل ما لازم المضارع أو غلب استعماله ، والنوع الثاني له حروف وأسماء فالحروف : «إن» و «إذما» و «أمّا» ويأتي ذكر «أمّا» في آخر الباب ، وأما «إن» فللخلو عن الجزم لوقوع الشرط تحقيقا أو باعتبار مجازي ، وتعمل الجزم كقولك : إن تقم أقم لأنها تصحب المضارع أكثر مما تصحب الماضي ، فلما غلب استعمالها مع المضارع كانت بمنزلة ما لازمه واختص به فقبلت أن تؤثر فيه وتعمل فعملت الجزم لأنه أخف ، وأما «إذما» فأصلها : إذ ضمّ إليها ما بعد ما سلبت معناها الأصلي وجعلت حرف شرط بمعنى «إن» فجرت مجراها وعمل عملها ، قال الشاعر :
٣٩٦٧ ـ وإنّك إذ ما تأب ما أنت آمر |
|
به تلف من إيّاه تأمر آبيا (١) |
وأنشد سيبويه (٢) للعباس بن مرداس :
٣٩٦٨ ـ إذ ما أتيت على الرّسول فقل له |
|
حقّا عليك إذا اطمأنّ المجلس |
يا خير من ركب المطيّ ومن مشى |
|
فوق التّراب إذا تعدّ الأنفس (٣) |
وأنشد لآخر :
٣٩٦٩ ـ فإذا ما تريني اليوم مزجى مطيّتي |
|
أصعّد سيرا في البلاد وأفرع |
__________________
(١) هذا البيت من الطويل لقائل مجهول.
الشرح : قوله : تأب : من الإباء وهو الامتناع ، وهو فعل الشرط ، وجوابه تلف من ألفى إذا وجد ، وآبيّا :من الإباء أيضا ، وقد روى العيني هذا البيت بلفظ «تأت» بالتاء من الإتيان ، وكذلك «آتيا».
والشاهد فيه في «إذما» حيث جزم الفعلين وهما «تأب» و «تلف». انظر : العيني (٤ / ٤٢٥) ، والأشموني (٤ / ١١).
(٢) انظر : الكتاب (٣ / ٥٧) ولم يذكر سيبويه البيت الأول فقط.
(٣) هذان البيتان من الكامل ، قالهما العباس بن مرداس في غزوة حنين يذكر بلاءه وإقدامه مع قومه في تلك الغزوة ، وقوله اطمأن المجلس : سكن ، والمجلس : الناس ، أو المراد : أهل المجلس.
والشاهد فيهما : المجازاة بـ «إذ ما» بدليل وقوع الفاء في الجواب. والبيت الأول في المقتضب (٢ / ٤٦) ، والخصائص (١ / ١٣١) ، والمحتسب (٢ / ٨٤) ، والبيتان في ابن يعيش (٤ / ٩٧) ، (٧ / ٤٦) ، والخزانة (٣ / ٦٣٦ ، ٦٣٧).