.................................................................................................
______________________________________________________
وقال الشاعر :
٤١٦٧ ـ كذبت عليك لا تزال تقوفني |
|
كما قاف آثار الوسيقة قائف (١) |
معناه : عليكي (٢) فرفع التاء وهي مغرى بها واتصلت بالفعل ؛ لأنه لو تأخر الفاعل لكان منفصلا ، وليس هذا من مواضع انفصال الضمير.
وقال عبد الدائم بن مرزوق القيرواني (٣) ـ في كتاب «حلى الحلى» في الأدب من تصنيفه في قول عنترة :
٤١٦٨ ـ كذب العتيق وماء شنّ بارد
إنه يروى : العتيق بالرفع والنصب ومعناه : عليك العتيق وماء شن ، وأصله :كذب ذاك عليك العتيق ، ثم حذف «عليك» وناب «كذب» منابه فصارت العرب تغري به.
وقال الأعلم (٤) في بيت عنترة : قوله «كذب العتيق» أي عليك بالتمر و «العتيق» التمر البالي ، والعرب تقول : كذبك التمر واللبن أي عليك بهما ، وبعض العرب ينصب وهم مضر والرفع لليمن ، وقال عمر رضي الله تعالى عنه : كذبكم الحجّ والقرآن (٥) ، أي عليكم بهما وأصل الكذب : الإمكان. وقول الرجل للرجل : كذبت ، أي : أمكنت من نفسك وضعفت ، فلهذا اتسع فيه فأغري به ؛ لأنه متى أغري بشيء فقد جعل المغرى به ممكنا مستطاعا إن راقه المغري. انتهى.
قال الشيخ (٦) : وإذا نصبنا بقي «كذب» بلا فاعل على ظاهر اللفظ ، والذي ـ
__________________
(١) البيت من الطويل قيل للأسود بن يعفر وقيل لغيره.
الشرح : الوسيقة هي من الإبل كالرّفقة من الناس ، والقائف الذي يعرف الآثار ، يقول : ظننت بك أنك لا تنام عن وتري فكذبت عليكم فأذله بهذا الشعر وأخمل ذكره.
واستشهد به على أن «كذب» إغراء ورفع الاسم بعدها ، وهو جائز بدليل اتصال الضمير بها. والبيت في اللسان (قوف) و (كذب) و (وسق).
(٢) في اللسان (معناه : عليك بي). انظر اللسان (كذب).
(٣) نحوي قديم ، روى عنه أبو جعفر محمد بن حكم السّرقسطي ، وأكثر أبو حيان في «الارتشاف» من النقل عنه. انظر بغية الملتمس للضبي (ص ٣٨٦) ، وإنباه الرواة (٢ / ١٥٨) ، وبغية الوعاة (٢ / ٧٥).
(٤) انظر شرح أبيات الكتاب للأعلم بهامش كتاب سيبويه (٢ / ٣٠٢) (بولاق).
(٥) في النهاية لابن الأثير (٤ / ١٢): «وكذب عليكم الحج كذب عليكم العمرة ...».
(٦) التذييل (خ) ج ٥ ورقة ٢٠٤.