.................................................................................................
______________________________________________________
النواسخ فكيف أورده سيبويه في باب «الاشتغال» في قوله (١) : «هذا باب ما يجري مما يكون ظرفا هذا المجرى وذلك : يوم الجمعة ألقاك فيه ، وأقلّ يوم لا أصوم فيه ، وخطيئة يوم لا أصيبه ، ومكانكم قمت فيه ، فصارت هذه الأحرف ترتفع بالابتداء كارتفاع عبد الله وصار ما بعدها مبنيّا عليها كبناء الفعل على الاسم الأول».
ثم قال بعد ذلك (٢) : «ويدخل النصب كما دخل في الاسم ، ويجوز في ذلك : يوم الجمعة ألقاك فيه وأصوم فيه كما جاز في قولك : عبد الله مررت به».
فدل كلام سيبويه هذا على أمرين :
أحدهما : أنه لا يلتزم فيه الابتداء. والثاني : أن الجملة في موضع الخبر لا في موضع الصفة ، لأن الصفة لا تفسر عاملا!!
فالجواب : أن الذي يتكلم فيه غير الذي ذهب إليه سيبويه ، لأن الذي ذكره سيبويه لم يرد به النفي المحض إنما أريد به الأقل المقابل للأكثر فعرض الإلباس والإشكال من حيث الاشتراك.
ألا ترى أن القائل : أقلّ يوم لا أصوم فيه لا يمكن حمله على النفي المحض ؛ لأنه إذ ذاك يصير المعنى : ما يوم من الأيام ينتفي عنه فيه الصوم ، وقد علم ضرورة أنه لا يصوم أيام الأعياد ، وإنما مراد المتكلم أنه قليل من الأيام ينتفي عنه فيها الصوم ، يريد أنه يكثر الصوم ولا يعني أنه يديمه سرمدا من غير تخلل إفطار. انتهى.
وقد عرف من قول المصنف : قد يقوم مقام ما يفعل أقلّ ، أن «أقل» قد لا يراد به النفي وإنما يراد به الأقلية المقابلة للأكثرية ، وإتيان المصنف بكلمة «قد» يدل على أن إرادة النفي به أقل من أن يراد به غير ذلك.
وحاصل الأمر : أن «أقل» لها محملان : أحدهما : أن تكون «أفعل» تفضيل فلا نفي ، ثانيهما : أن يراد به النفي المحض.
__________________
(١) انظر الكتاب (١ / ٨٤) (هارون).
(٢) انظر الكتاب (١ / ٨٥) (هارون) وقد نقله عنه بتصرف.