.................................................................................................
______________________________________________________
يريد : أن «ربّ» دخلت على «ما» وهي لا تدخل إلا على نكرة ، فتنكيرها كتنكير «من» وقد دخلت «ربّ» أيضا على «من» ، قال :
٤١٦٢ ـ ربّ من أنضجت غيظا صدره (١)
وقوله : موصوفة بصفة مغنية عن الخبر : إذا قلت : أقلّ رجل يقول ذلك فـ «أقل» مبتدأ كما تقدم ، واختلف في الجملة الواقعة بعده : هل هي في موضع الخبر أو في موضع صفة تغني عن الخبر [٥ / ٢٠٣] ويكون الخبر محذوفا؟
فمنهم من قال : هي في موضع الخبر ؛ لأن المبتدأ لا بد له من خبر وليس هنا شيء يصلح للخبر غير هذه الجملة ، وكأنه قال : ما رجل يفعل ذلك ، وأنت لو قلت : ما رجل يفعل ذلك ، لكان «يفعل ذلك» في موضع الخبر ، فكذلك هذا.
فموضعه على هذا رفع على أصل وضع الكلام ؛ إذ المبتدأ لا بد له من خبر وإلى هذا ذهب الأخفش.
وقال بعضهم : الجملة صفة وهي في موضع جر ، والدليل على ذلك جريان هذا الفعل مطابقا للمجرور ، فتقول : أقل امرأة تقول ذلك ، وأقل امرأتين تقولان ذلك ، أقل نساء يقلن ذلك ، وأقل رجل يقول ذلك ، وأقل رجلين يقولان ذلك ، وأقل رجال يقولون ذلك ، فتطابق الجملة المجرور ، ولو كانت خبرا لطابقت المبتدأ الذي هو «أقل» فكنت تقول : أقل رجال يقول ذلك ، وعزي هذا المذهب إلى الأخفش أيضا.
فإن قلت : قد زعمت أن «أقل» يجب أن يكون مبتدأ ولا تدخل عليه ـ
__________________
(١) هذا صدر بيت من الرمل وعجزه :
قد تمنّى لي موتا لم يطع
وهو لسويد بن كاهل البشكري.
الشرح قوله أنضجت هو من إنضاج اللحم : جعله بالطبخ مستويا يمكن أكله ويحسن ، وهو هنا كناية عن نهاية الكمد الحاصل للقلي.
والشاهد فيه : أن «رب» دخلت على «من» وهو دليل على قابليتها للتنكير ؛ لأن «رب» لا تدخل إلا على نكرة.
والبيت في أمالي الشجري (٢ / ١٦٩) ، والمغني (ص ٣٢٨) وشرح شواهده (ص ٧٤٠) والدرر (١ / ٦٩) ، (٢ / ١٩).