.................................................................................................
______________________________________________________
يضطر الشاعر ، ولا نعلم هذا جاء في الشعر ألبتة.
يعني لا يكون الجزاء أي : لا يكون الجزم ، وذكر أن الجزاء خطأ فصرح بأنه خطأ ثم قال : إلا أن يضطر الشاعر ثم قال : ولا نعلم هذا جاء في الشعر ، ونفى عن نفسه أن يحفظ مثل هذا في الشعر ، هذا على سعة علم الخليل وحفظه ومعرفته ، فكيف يدّعي مدّع أن العرب تجزم مثل هذا؟
ثم نقل عن ابن عصفور : أنه تعرض إلى ذكر المسألة في كتبه ، وأنه ذكر عن الكوفيين أنهم أجازوا ذلك ، وأنه قال بجوازه في الضرورة ، وذكر أنه استدل بالبيتين اللذين ذكرهما المصنف ، ثم قال : ـ أعني الشيخ ـ ويمكن تخريج هذين البيتين على أن تكون «لا» في كل منهما ناهية ، ويكون ذلك من باب قولهم : لا أرينّك هاهنا ، وقول النابغة :
٣٩٠٣ ـ لا أعرفن ربربا حورا مدامعه (١)
فكأنه قال : لا تتعرض فأراك هاهنا ، وكذلك لا تتعرضوا للقتال فأعرف ربربا فكذلك يقدر هاهنا : لا تتعرض لغير المجاملة فيقرف الشرّ قارف ، أي : فيكتسب الشر مكتسب ، ولا تتعرض للركوب فيعرف الفرس فتفتضح ، وإذا احتمل أن يكون من باب ما صورته النهي ، ويراد به النهي عن غيره وانتفاؤه هو لم يكن في ذلك دليل على جواز الجزم على المعنى الذي ذهب إليه الفراء والكوفيون ، ووافقهم المصنف وابنه عليه ، وحمله ابن عصفور عليه ، ويؤيد هذا التأويل قول الخليل : ولا نعلم هذا جاء في الشعر ألبتة.
فانظر تفاوت ما بين كلام المصنف وكلام الناس ، هو يقول : العرب تقول كذا ، والخليل يقول : هو خطأ ، والأستاذ أبو الحسن يقول : هو ضرورة لا يقاس عليها في ـ
__________________
(١) هذا صدر بيت من البسيط وهو للنابغة ، ديوانه (ص ٧٥) وعجزه كما في التذييل (٦ / ٦٧٧).
مردّفات على أعقاب أكوار
الشرح : الربرب : القطيع من البقر ، شبه النساء به في حسن العيون وسكون المشي ، وقوله : مدامعه : رواية الديوان والتذييل : مدامعها ، وهي مواضع الدمع ، وقوله : حورا : جمع حوراء من الحور وهو : شدة بياض العين مع شدة سوادها ومردفات : متتابعات بعضها وراء بعض ، وأعقاب : جمع عقب. وعقب كل شيء آخره ، وأكوار : جمع كور وهو الرحل بأداته ، ويروى : على «أحناء» جمع حنو وهو السرج.
والشاهد : في «لا أعرفن» فإن «لا» ناهية ، وهي نهي للمتكلم ، وهو قليل جدّا.
والبيت في المغني (ص ٢٤٦) ، وشرح شواهده (ص ٦٢٥) ، والعيني (٤ / ٤٤١) ، وشرح التصريح (٢ / ٢٤٥) ، والأشموني (٤ / ٣).