.................................................................................................
______________________________________________________
الشعر. انتهى.
ولقد تحامل الشيخ على المصنف في قوله : إنه ادّعى أن العرب تجيز الجزم والرفع في مثل هذا ، فإن المصنف لم يدّع ذلك ، بل قال كما علمت : وحكى الفراء عن العرب في المضارع المنفي بـ «لا» الجزم والرفع إذا حسن تقدير «كي» قبله إلى آخر كلامه ، ولم يسند إلى نفسه شيئا ، ولم يثبت ولم ينف ، وأما كونه ينسب المصنف إلى قلة اعتنائه بكتاب سيبويه ظنّا منه أنه لم يطلع على ما قاله الخليل وسيبويه في المسألة ، فلا يرتضي من الشيخ أن يقول في حق المصنف ذلك مع شهادة المعتبرين له بالتبريز ومن يدرك غوامض الكتاب كيف تخفى عليه ظواهره؟ بل يقال : إن المصنف تأدب مع الخليل وسيبويه غاية التأدب ، وذلك أنه لما رأى كلامهما يقتضي عدم جواز الجزم في هذه المسألة ، ورأى الفراء ـ مع جلالة قدره في العلم ـ وحفظه ـ حكى الجزم عن العرب ذكر ما حكاه الفراء مقتصرا على ذلك ، ولم يحكم من قبل نفسه بشيء ، ولا شك أن العرب نطقت بذلك في البيتين اللذين تقدم إنشادهما ، ويؤيد ذلك ذكر ابن عصفور [٥ / ١٣٢] أيضا المسألة المذكورة وإنشاده البيتين المذكورين ، فلم يكن المصنف هو المنفرد بهذا الأمر ، فقد ذكره غيره كما ذكره هو ، والخليل رحمهالله تعالى لم ينف مجيئه إنما نفى العلم بمجيئه. ثم إن الخليل لما قال : إن الجزاء خطأ لا يكون الجزم أبدا ، لم يقل المصنف هو مجزوم على الجواب كي لا يناقض كلامه كلام الخليل ، بل قال : إن فيه الجزم سماعا عن العرب ، ولا شك أنه مسموع نثرا ونظما.
وأما كونه جائزا اختيارا أو ضرورة فلم يتعرض إليه المصنف ، وأما كونه ضرورة أو غير ضرورة فلم يتعرض المصنف إلى ذكر ذلك ، بل قال : حكي عن العرب ، ولم يسند الحكاية إليه بل أسند ذلك إلى الإمام الكبير الذي عرفت ، وبعد أن ذكر الشيخ ما ذكر قال (١) : ويمكن تخريج البيتين اللذين استدل بهما المصنف وابنه على جواز الجزم في السعة ، وابن عصفور على مجيئه في الضرورة على وجه غير ما ذكروه وهو أن تكون «لا» فيه ناهية ، ويكون ذلك من باب قولهم : لا أرينّك ها هنا ، وقول النابغة :
٣٩٠٤ ـ لا أعرفن ربربا حورا مدامعه (٢)
__________________
(١) انظر : التذييل (٦ / ٦٧٦ ، ٦٧٧) ، وقد سبق أن نقل المؤلف هذا الكلام عن شرح الشيخ.
(٢) تقدم.