.................................................................................................
______________________________________________________
سيبويه : فإذا انقضى الكلام ثم جئت بـ «ثمّ» فإن شئت جزمت وإن شئت رفعت ، وكذلك «الواو» و «الفاء» ، إلا أنه يجوز النصب بالفاء والواو ، وبلغنا أن بعضهم قرأ (١) : (يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشآء ويعذّب من يشآء).
وروي بالأوجه الثلاثة «ونأخذ» من قول الشاعر :
٣٨٩٦ ـ فإن يهلك أبو قابوس يهلك |
ربيع النّاس والبلد الحرام |
|
ونأخذ بعده بذناب عيش |
أجبّ الظّهر ليس له سنام (٢) |
وجاز النصب بعد «الفاء» و «الواو» إثر الجزاء ؛ لأن مضمونه لم يتحقق وقوعه فأشبه الواقع بعده الواقع بعد الاستفهام.
قال : وأنشد الفراء في كتاب «المعاني» (٣) :
٣٨٩٧ ـ فإن يهلك النّعمان تعر مطيّه |
وتخبأ في جوف العياب قطوعها |
|
وتنحط حصان آخر اللّيل نحطة |
تقضّب منها أو تكاد ضلوعها (٤) |
فنصب «تخبأ» وجزم «تنحط». ـ
__________________
(١) هي قراءة ابن عباس والأعرج وأبي حيوة. انظر : الإتحاف (ص ١٦٧) ، والبحر المحيط (٢ / ٣٦٠).
(٢) هذان البيتان من الوافر وهما للنابغة الذبياني ، ديوانه (ص ١٠٥).
الشرح : قوله : أبو قابوس : هو كنية النعمان ، وقابوس معرب كاووس كطاووس : اسم أحد ملوك الفرس ، وقوله : ربيع الناس والبلد الحرام : يريد أنه كان كالربيع في الخصب لمجتديه ، وكالشهر الحرام لجاره أي لا يوصل إلى من أجاره كما لا يوصل في الشهر الحرام إلى أحد ، وقوله بذناب عيش : ذناب كل شيء ـ بكسر الذال ـ عقبه وما يأتي في أواخره ، وأجب الظهر : مقطوع الظهر كأنه جمل قطع سنامه ، ويقال : بعير أجب وناقة جباء : إذا كان قد قطع سنامها ، والسنام : حدبة البعير.
والشاهد : في «ونأخذ» فإنه يجوز فيه الرفع على الاستئناف ، والنصب بتقدير «أن» والجزم بالعطف على «يهلك» ، ويروى «ونمسك بعده» وهي رواية الديوان ، والبيتان في معاني الفراء (٣ / ٢٤) ، والأشموني (٤ / ٢٤) ، والكتاب (١ / ١٩٦) (هارون) ، والمقتضب (٢ / ١٧٩) ، والإنصاف (ص ١٣٤) ، وابن يعيش (٣ / ٥٧٩) ، والخزانة (٤ / ٩٥).
(٣) انظر : معاني القرآن (١ / ٨٧).
(٤) هذان البيتان من الطويل قالهما النابغة الذبياني ، ديوانه (ص ١٠٧) من قصيدة يمدح بها النعمان بن الحارث الأصغر الغساني ، وكان قد خرج إلى بعض متنزهاته.
الشرح : العياب : جمع عيبة وهو ما يوضع فيه الثياب ، والقطوع : أداة الرحل وهو جمع قطع كالطنفسة ونحوها ، يقول : إن هلك النعمان ترك كل وافد الرحلة ولم يستعمل مطيته وخبأ في جوف العياب الطنفسة