.................................................................................................
______________________________________________________
ثم قال (١) : وإن خلا الفعل المتوسط بين الشرط والجزاء من الفاء والواو جزم ، وجعل بدلا من الشرط ، أو رفع وكان في موضع نصب على الحال ، فمثال المجزوم المجعول بدلا (٢) قول الشاعر :
٣٨٩٨ ـ متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا |
تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا (٣) |
ومثال المرفوع [٥ / ١٣٠] المقدر في موضع الحال قول الآخر :
٣٨٩٩ ـ متى تأته تعشو إلى ضوء ناره |
تجد خير نار عندها خير موقد (٤) |
__________________
التي توضع على الرحل استعدادا للرحيل ، وقوله : «وتنحط حصان» أي تزفر حزنا لفقده ، وتذكرا لمعروفه وفضله ، وقوله : «تقضب» أي تزفر حتى تكاد ضلوعها تكسر من شدة الزفير ، والتقضب التكسّر ، و «الحصان» : المرأة العفيفة ، وهي ذات الزوج أيضا ، وإنما خص آخر الليل ؛ لأنه وقت هبوبها من نومها ، فعند ذلك تتذكره ، وتزفر من أجله ، وأيضا فإنه وقت يرغب فيه العدو الغارة ، فتذكر النعمان لذبه عنها ونصره لها.
والشاهد فيهما : نصب «تخبأ» بإضمار «أن» ، وجزم «تنحط» عطفا على محل «تخبأ» ؛ لأن «تخبأ» يصح جزمه عطفا على ما قبله وهو «تعر» الواقع جوابا للشرط ، فكان المجزوم بعده معطوفا على محله.
والبيتان في معاني القرآن (١ / ٨٧) ، والتذييل (٦ / ٦٦٨) ، واللسان «نحط».
(١) أي : ابن مالك.
(٢) قال سيبويه في الكتاب (٣ / ٨٦): «وسألت الخليل عن قوله :
متى تأتنا تلمم بنا ... البيت
قال : «تلمم» بدل من الفعل الأول».
(٣) هذا البيت من الطويل نسب للحطيئة وليس في ديوانه ، الشرح : تلمم : مضارع مجزوم من الإلمام وهو الزيارة ، والجزل : غلاظ الحطب ، يريد أنهم يوقدون الجزل من الحطب لتقوى نارهم فينظر إليها الضيفان على بعد فيقصدونها ، وقوله : نارا تأججا : مأخوذ من التأجج وهو التوقد والالتهاب ، وفي «تأجج» ضمير يعود إلى النار فكان ينبغي أن يقول : تأججت ، وإنما ذكر لأنه في تأويل الشهاب كأنه قال : وشهابا تأجج.
والشاهد فيه : جزم «تلمم» لأنه بدل من قوله : «تأتنا» وتفسير له : لأن الإلمام إتيان ، ولو أمكنه رفعه على تقدير الحال لجاز والبيت في الكتاب (٣ / ٨٦) ، والمقتضب (٢ / ٦١) ، والإنصاف (ص ٥٨٣) ، وابن يعيش (٧ / ٥٣) ، والخزانة (٣ / ٦٦٠).
(٤) هذا البيت من الطويل من قصيدة طويلة للحطيئة مدح بها بغيض بن عامر ، وقوله : تعشو : أي : تنظر ببصر ضعيف ، يريد أنه ابتدأ بالنظر إلى النار على بعد شديد فقصدها بذلك النظر حتى قرب منها فأضاءت له.
والشاهد فيه : رفع «تعشو» وتقديره في موضع الحال أي : متى تأته عاشيا ، والبيت في الكتاب (٣ / ٨٦) ، والمقتضب (٢ / ٦٣) ، وابن يعيش (٢ / ٦٦) ، والعيني (٤ / ٤٣٩) ، والخزانة (٣ / ٦٦٠) ، وديوان الحطيئة (ص ٢٥).