.................................................................................................
______________________________________________________
قال (١) : أما المسألتان الأوليان ؛ فصواب ، وأما : ما قام فتأكل إلا طعامه ؛ فخطأ ، لأنه يجوز النصب ، وعلى النصب أنشد سيبويه البيت (٢) ، فمتى وقعت «إلا» بعد الفعل الداخل عليه «الفاء» جاز النصب فيما بعد «الفاء» سواء أكان ما بعد «إلا» معمولا للفعل الذي قبل «الفاء» أو للفعل الذي بعد «الفاء».
الأمر الثاني : أنك قد عرفت من كلام بدر الدين أن من النفي المؤول ما قبله استفهام كقولك : ألم تأتنا فتحدثنا بالنصب على معنى : ألم تأتنا محدثا ، ومنه قول الشاعر :
٣٨٧٢ ـ ألم تسأل فتخبرك الرّسوم |
على فرتاج والطّلل القديم (٣) |
ولا شك أن المراد بهذا الاستفهام التقرير ، وإذا كان تقريرا فالنفي غير مراد ، وإذا لم يكن النفي مرادا كان الواجب أن يمتنع نصب الجواب ؛ لأن النفي ليس خالصا ، ويعضد ذلك قول بعض العلماء المعتبرين ممن تكلم على الألفية : إن المصنف احترز بتقييد النفي بـ «محض» من النفي التالي تقريرا نحو : ألم تأتني فأحسن إليك إذا لم ترد الاستفهام الحقيقي.
والتفصيل الذي ذكر في النفي المنتقض بـ «إلا» من كون «إلا» إما أن تذكر قبل «الفاء» أو بعدها لا يتأتى هنا ، ولا شك أن نصب الجواب في مثل ذلك وارد عن العرب :
قال الشاعر :
٣٨٧٣ ـ ألم أك جاركم ويكون بيني |
وبينكم المودّة والإخاء (٤) |
فإن هذا الاستفهام المراد به التقرير بلا ريب و «الواو» و «الفاء» في هذا الباب سيان.
والذي يظهر أن يقال : إن النفي المقرون بأداة الاستفهام وإن كانت حقيقة الاستفهام غير مرادة يعطي أحكام النفي الصريح ولهذا يجاب بكلمة «بلى» التي هي مخصوصة بجواب النفي قال الله تعالى: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى)(٥) فلما كان ـ
__________________
(١) انظر : التذييل (٦ / ٦٢١).
(٢) انظر : الكتاب (٣ / ٣٢).
(٣) تقدم.
(٤) البيت من بحر الوافر وهو للحطيئة في ديوانه (ص ٢٦). وكلمة «فرتاج» سقطت من (ج) وضبطت «على» بتشديد الياء ، وهو خطأ ، وفي «أ» تركت مساحتها بيضاء.
والشاهد فيه : في قوله : «ويكون» حيث نصب بتقدير : «أن» لوقوع الفعل بعد «واو» المصاحبة الواقعة بعد الاستفهام التقريري. والبيت في الكتاب (٣ / ٤٣) ، والمقتضب (٢ / ٧٢) ، والمغني (ص ٦٦٩) ، والعيني (٤ / ٤١٧) ، والتذييل (٦ / ٦٣٤) ، والهمع (٢ / ١٣) ، والدرر (٢ / ١٠).
(٥) سورة الأعراف : ١٧٢.