.................................................................................................
______________________________________________________
حكم النفي مجرى عليه وإن اقترن به ما يخرجه [٥ / ١٢١] إلى الإثبات جاز أن ينصب ما وقع جوابا له ، لكن في إطلاق النفي المؤول على هذا نظر ، فإنه لم يؤول بنفي وإنما أجري عليه أحكام النفي إن كان الأمر فيه على ما قلناه.
ثم قد عرفت قول بدر الدين : ويجوز أن يكون المراد بالنفي المحض إلى آخره ويكون المراد بالنفي المؤول على هذا ، وهو الأقرب ـ ما يدل عليه بما له مسمى يقرب من معنى النفي فيقام مقامه نحو : «غير» فإنه اسم بمعنى : مخالف إلى آخر ما قاله ؛ فقال الشيخ (١) : لا يصح أن يفسر قول المصنف بهذا التفسير الثاني أعني أنه يكون معنى قوله : مؤول ، يريد به مسألة : غير قائم الزيدان فنكرمهما ؛ لأن هذا لا يسمى نفيا مؤولا ، بل هو موجب مؤول بالنفي ؛ لأن التأويل هو صرف الكلام عن ظاهره ومآله إلى غير ما وضع له بحق الأصالة ، وإنما يصدق النفي المؤول على مسألة التقرير ومسألة النقض بـ «إلا». انتهى.
وكان قد قال (٢) في قول المصنف : أو مؤوّل : أن تكون صورته صورة النفي وهو مؤول بغير النفي.
وما ذكره الشيخ لا يظهر ، فإن الكلام إذا كانت صورته صورة النفي وهو مؤول بغير النفي كان إيجابا لا نفيا ، وإذا كان إيجابا فكيف يسوغ نصب الجواب؟
وإنما مراد المصنف عكس ما قاله الشيخ وهو أن يكون الكلام صورته صورة الإيجاب ويؤول بالنفي فيعطى حكمه ؛ لأن «إلا» إذا ذكرت بعد النفي كان الكلام إيجابا ، فإذا اتفق في بعض التراكيب تأويل ذلك الكلام بنفي عومل ذلك التركيب بما يعامل به النفي الخالص ، وإذا كان الأمر على ما قلنا فاعتراض الشيخ على بدر الدين ساقط ؛ لأن الصورة المذكورة في الفصل كل منها موجب مؤول بالنفي وليس منها شيء صورته صورة النفي وهو مؤول بغير النفي.
ولما اعتقد الشيخ أن المراد بـ «مؤول» في قول المصنف : أن تكون صورته صورة النفي وهو مؤول بغير النفي قال في آخر الفصل (٣) : ويرد على قول المصنف : أو مؤول مسألة يصدق عليها أنها نفي أوّل بغيره ولا ينتصب ما بعد «الفاء» جوابا لها ـ
__________________
(١) انظر : التذييل (٦ / ٦٢٠).
(٢) انظر : التذييل (٦ / ٦١٨).
(٣) انظر : التذييل (٦ / ٦٢٢).