.................................................................................................
______________________________________________________
وأوجب ، وكما في «ما تزال تأتينا فتحدثنا» فإن النفي إنما دخل على متعلق المعطوف عليه وهو «تزال» ومعناه النفي فصار إثباتا ، فإذا وجد ذلك امتنع النصب ، أما إذا كان النفي داخلا على الفعل المعطوف عليه فإن جوابه ينصب وإن انتقض النفي كقولنا : ما قام زيد فتأكل إلا طعامه ؛ لأنه بمعنى : ما قام زيد [٥ / ١٢٠] فتأكل غير طعامه ، ولا شك أن هذا كلام صورته صورة الإيجاب ومعناه النفي فمن ثمّ قيل فيه : إنه نفي مؤول ومنه المثال الذي (١) ذكره بدر الدين وهو : ما تأتينا فتقول إلا خيرا ؛ لأنه بمعنى : ما تأتينا فتقول شرّا كما قال بدر الدين ، وعلى ذلك قول سيبويه (٢) : وتقول : لا تأتينا فتحدثنا إلا ازددنا فيك رغبة ، وقد رأيت من المثال الذي ذكره بدر الدين وهو : ما تأتينا فتقول إلا خيرا ، والمثال الذي ذكره سيبويه وهو : لا تأتينا فتحدثنا إلا ازددنا فيك رغبة ـ أن «إلا» مذكورة بعد «الفاء».
فمن ثمّ كأن الشيخ جعل ذلك هو المسوغ لجواز النصب فإنه قال (٣) : ودخول «إلا» إما أن يكون قبل «الفاء» أو بعدها ، فإن كان قبل «الفاء» لم تكن «الفاء» جوابا فلا يجوز إذ ذاك النصب نحو : ما ضرب زيد إلا عمرا فيغضب ، وإن كان بعد الفاء جاز النصب نحو : ما ضربت زيدا فيغضب إلا تأديبا ، وما تأتينا فتحدثنا إلا بخير. انتهى.
وإذ قد تقرر هذا فقولنا : ما قام زيد فتأكل إلا طعامه ، يجوز فيه النصب ؛ لأنه وإن كانت صورته صورة الإيجاب فإنه مؤول بالنفي كما تقدم من أنه بمعنى : ما قام زيد فتأكل غير طعامه ، ومن ثمّ لما نقل الشيخ (٤) عن المصنف ما قاله في شرح الكافية من أن النفي الذي ليس نقيّا خالصا لا جواب له منصوب ، نحو : ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا ، وما تزال تأتينا فتحدثنا ، وما قام زيد فتأكل إلا طعامه ، وإنشاده قول الشاعر :
٣٨٧١ ـ وما قام منّا قائم في نديّنا |
فينطق إلّا بالّتي هي أعرف (٥) |
__________________
(١) وقع سهو من الناسخ هنا ، فكتب كلاما سيأتي ذكره ؛ فحين قوبلت هذه النسخة على نسخة أخرى ذكر الناسخ المقابل على هامش النسخة (ج) أن الذي ذكره بدر الدين بعد ورقتين من هذه الورقة ، ويبدو أنه انتزع الورقتين اللتين تعدان مكررتين ، حتى يستقيم الكلام اللاحق مع الكلام السابق ، غير أنه قد ترك جزءا من هذا الكلام المتكرر وهو الذي يمثل أغلبية الوجه الأيمن للصفحة (١٢٠) والتي لم نأخذ منها سوى سطرين كما هو مذكور ، وقد قابلنا هذا بالنسخة (أ) فوجدنا الكلام مستقيما لا خلل به.
(٢) انظر : الكتاب (٣ / ٣٢).
(٣) انظر : التذييل (٦ / ٦١٨).
(٤) انظر : التذييل (٦ / ٦٢٠ ، ٦٢١).
(٥) تقدم.