.................................................................................................
______________________________________________________
وأقول : إن البحث هنا يتعلق بأمرين :
الأول : قول المصنف : أو مؤول ينافي قوله في شرح الكافية : وشرط النفي أن يكون خالصا ، فالنفي الذي ليس نفيا خالصا لا جواب له منصوب نحو : ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا ، وما تزال تأتينا فتحدثنا ، وما قام فتأكل إلا طعامه ، قال : ومنه قول الشاعر :
٣٨٧٠ ـ وما قام منّا قائم في نديّنا |
فينطق إلّا بالّتي هي أعرف (١) |
فإن قلت : لا منافاة في ذلك ، فقد قال بدر الدين : إن النفي في : «ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا» إنما دخل على شيء مقدر أخرج منه المعطوف عليه وأوجب بـ «إلا» ، وقال : إن النفي في : «ما تزال تأتينا فتحدثنا» إنما دخل على متعلق المعطوف عليه وكان معناه النفي فصار إثباتا فكان الرفع واجبا في المثالين.
قلت : فقد قال بدر الدين شارحا لكلام والده في الألفية (٢) : شرط النفي أن يكون خالصا من معنى الإثبات ولذلك وجب رفع ما بعد «الفاء» في : «ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا» ، و «ما تزال تأتينا فتحدثنا» ، و «ما قام فتأكل إلا طعامه» ، وقول الشاعر :
وما قام منّا قائم في نديّنا |
فينطق إلّا بالّتي هي أعرف |
فوافق كلامه كلام والده في نحو : ما قام فتأكل إلا طعامه ، وجعل من ذلك البيت المذكور كما جعله والده ، ولا شك أن ما ذكره في الألفية من عدم جواز النصب في نحو : ما قام فتأكل إلا طعامه مناف بعد تمثيله هنا بقولك : ما تأتينا فتقول إلا خيرا ؛ لقوله : فتنصب مع أنك أثبت بـ «إلا» إثباتا لأنه بمعنى : ما تأتينا فتقول شرّا.
والذي ظهر لي أن الذي اعتبراه في شرحي الكافية والألفية إنما هو وجود النفي في الجملة وأن يكون معه ما ينقضه ، فإذا وجد ذلك امتنع النصب ، ومن ثمّ امتنع النصب في نحو : ما قام فتأكل إلا طعامه كما امتنع في نحو : ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا ، وما تزال تأتينا فتحدثنا ، ولهذا اشترط في الكتابين أن يكون النفي خالصا ومحضا ولم يعتبر النفي المؤول ، والذي اعتبراه هنا ـ أعني في التسهيل وشرحه ـ أن يكون النفي داخلا على الفعل المعطوف عليه لا على غيره كما في : ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا ؛ فإن النفي إنما دخل على شيء مقدر أخرج منه المعطوف عليه ـ
__________________
(١) تقدم.
(٢) انظر : شرح الألفية لابن الناظم (ص ٦٨٠).