.................................................................................................
______________________________________________________
فنتبعه؟ : ولا أراه يستقيم على مأخذ البصريين إلا بتأويل ما قبل «الفاء» باسم معمول لفعل أمر دل عليه الاستفهام والتقدير : ليكن منك إعلام بموضع ذهاب زيد فاتباع منا ـ يبين لك صحة ما ذكره المصنف.
ثم إن الشيخ ذكر مسألة تتعلق بالاستفهام أيضا فقال (١) : وزعم بعض النحويين أن الاستفهام إذا كان عن المنسوب إليه الفعل لا عن الفعل فلا يصح النصب بعد الفاء على الجواب ، ومنع النصب في نحو : أزيد يقرضني فأسأله؟ وقال : لا يصح ها هنا الجواب وهو محجوج بقراءة من قرأ في السبعة : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ)(٢) بالنصب (٣) ، ووجه الدلالة من هذه الآية أن الفعل وقع صلة فليس مستفهما عنه ولا هو خبر عن مستفهم عنه بل هو صلة للخبر ، وإذا جاز النصب بعد (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ) لكونه في معنى : من يقرض؟ فجوازه بعد «من يقرض» و: أزيد يقرض فأسأله؟ أحرى وأولى. انتهى.
والظاهر أن المسوغ لنصب الجواب بعد «الفاء» هو وجود الاستفهام سواء أكان المستفهم عنه الفعل أم متعلقه ، أم من ينسب إليه الفعل ، وإنما المعتبر هو ما ذكره المصنف وهو : أن الفعل لا يكون قد وقع.
ومنها : أنك قد عرفت أن المصنف قسّم النفي المنصوب جوابه بعد «الفاء» إلى : محض ومؤول وأن ولده فسر المحض بأن يكون النفي داخلا على الفعل المعطوف عليه خاليا عما يزيل معناه نحو : ما تأتيني فتحدثني ، وفسر المؤول بأن يكون معه ما يزيل معناه وينقل الكلام إلى الإثبات ، وأن ذلك ما قبله استفهام أو بعده استثناء نحو : ألم تأتنا فتحدثنا ، ونحو : ما تأتينا فتقول إلا خيرا ، وعلل النصب في هذا المثال ـ مع أنك أتيت بـ «إلا» إثباتا ـ بأن قولك : ما تأتينا فتقول إلا خيرا بمعنى : ما تأتينا فتقول شرّا ، وذكر أن هذا بخلاف قولنا : ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا وما تزال تأتينا فتحدثنا ، فإن الرفع واجب ، قال : لأن النفي لم يدخل على المعطوف عليه إنما دخل في الأول على شيء مقدر أخرج عنه المعطوف عليه وأوجب بـ «إلا» ، وفي الثاني على متعلق المعطوف عليه وكان معناه النفي فصار إثباتا. ـ
__________________
(١) انظر : التذييل (٦ / ٦١٣ ، ٦١٤).
(٢) سورة البقرة : ٢٤٥ ، وسورة الحديد : ١١.
(٣) قراءة ابن عامر وعاصم. انظر : الحجة لابن خالويه (ص ٩٨) ، وانظر : الكشف (١ / ٣٠٠).