.................................................................................................
______________________________________________________
ثم أردف الشيخ كلامه المتقدم بأن قال (١) : وأما قوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ)(٢) على قراءة من نصب (٣) فظاهره أنه نصب في جواب الأمر (٤).
ومنها : أن الشيخ قال (٥) : وشرط الجواب في النهي أن لا ينقض بـ «إلا» قبل «الفاء» نحو : لا تضرب إلا عمرا فيغضب ، قال : فإنك إن نقضته ارتفع الفعل كما في هذا المثال ، وإن نقضته بعد «الفاء» (٦) كان جوابا نحو : لا تضرب زيدا فيغضب عليك إلا تأديبا. انتهى.
والحق أنه لا يحتاج إلى هذا الشرط ؛ لأن «فيغضب» في المثال الأول ليس جوابا وإذا لم يكن جوابا فمن أين يجيء النصب؟
ومنها : أن المصنف قال : (بفعل أصيل في ذلك) بعد قوله : (أو دعاء) وتقدم قول الإمام بدر الدين : إن والده أشار بذلك إلى أنه لا يجوز نصب جواب الدعاء إلا إذا كان بلفظ الطلب وأن هذا مذهب البصريين ، لكن قال الشيخ (٧) : إنه احترز بقوله : (بفعل) من أن يكون الدعاء بالاسم نحو : سقيا لك ورعيا.
وأما قوله : أصيل فاحترز به كما قال بدر الدين من الدعاء المدلول عليه بلفظ الخبر. ـ
__________________
(١) انظر : التذييل (٦ / ٦٠٨).
(٢) سورة البقرة : ١١٧ ، وسورة آل عمران : ٤٧ ، وسورة النحل : ٤٠ ، وسورة مريم : ٣٥ ، وسورة يس : ٨٢ ، وسورة غافر : ٦٨.
(٣) هي قراءة ابن عامر. انظر : الحجة لابن خالويه (٨٨ ، ٣٠٠) ، والكشف (١ / ٢٦٠) وقال : «ووافقه الكسائي على النصب في النحل ويس» ، وانظر الإرشادات الجلية في القراءات السبع (ص ٤٦).
(٤) قال الشيخ أبو حيان بعد هذا الكلام : فأما في قوله تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فخرّج على أن (فَيَكُونُ) ليس جوابا للأمر ولكنه معطوف على قوله : (أَنْ يَقُولَ) لا أنه تسبب عن محكي (أَنْ يَقُولَ) وهو (كُنْ) وردّ بأنه يلزم أن يشرك (أَنْ يَقُولَ) في كونه خبرا فيكون المعنى : إنما أمره الكون ، وأمره ليس بالكون ، إنما أمره : القول فلا بد من الرفع على الاستئناف كما زعم سيبويه ، وأما في قوله تعالى : (وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فخرّجه الأستاذ أبو علي على أنه من النصب في الواجب وإن كان ضعيفا ، لكن ابن عامر رواه فأخذ به ، ولا يكون على (كُنْ) بل على تقدير : فيقول فيكون ، وهذا فيه نظر ؛ لأن سيبويه ذكر أنه في الشعر. انظر : التذييل (٦ / ٦٠٨ ، ٦٠٩).
(٥) انظر : التذييل (٦ / ٦١١) ، والارتشاف (٧٠٤).
(٦) في النسختين : إلا ، والتصويب من التذييل والارتشاف.
(٧) انظر : التذييل (٦ / ٦١٢).