.................................................................................................
______________________________________________________
«الفاء» اسمية نحو : ما زيد قائم فيحدثنا. فإن هذا الذي ذكره خلاف المشهور ، وقد عرفت قول ابن عصفور في تقسيم الجملة المتقدمة «الفاء» إذا كانت منفية وإن كانت اسمية لم يجز فيما بعد «الفاء» إلا النصب على المعنيين المتقدمي الذكر ، أو الرفع على القطع.
وبعد فلا بد من التعرّض إلى ذكر أمور :
منها : أن الشيخ قال (١) : ولا نعلم خلافا في نصب الفعل جوابا للأمر إلا ما نقل عن العلاء بن سيّابة قالوا : ـ وهو معلم الفراء ـ أنه كان لا يجيز ذلك (٢) ، وهو محجوج بثبوته عن العرب ، أنشد سيبويه (٣) لأبي النجم :
٣٨٦٨ ـ يا ناق سيري عنقا فسيحا |
إلى سليمان فنستريحا (٤) |
إلا أن يتأوله ابن سيّابة على أنه من النصب في الشعر فيكون مثل قوله :
٣٨٦٩ ـ سأترك منزلي لبني تميم |
وألحق بالحجاز فأستريحا (٥) |
قال الشيخ (٦) : ولا [٥ / ١١٨] يبعد هذا التأويل ، ولمنعه وجه من القياس وهو إجراء الأمر مجرى الواجب ، فكما لا يجوز ذلك في الواجب كذلك لا يجوز في الأمر ، ومن إجراء الأمر مجرى الواجب باب الاستثناء ؛ فإنه لا يجوز فيه البدل كما لا يجوز في الواجب ، وذلك بخلاف النفي والنهي فإنه يجوز فيهما ذلك. انتهى.
ولقائل أن يقول للشيخ : يلزمك على ما قررته أن يمتنع النصب بعد الاستفهام والتمني والعرض والتحضيض ؛ لأنها لا يجوز معها البدل في الاستثناء كما لا يجوز الأمر وإنما يجوز البدل في الاستثناء مع الاستفهام إذا أريد به الإنكار والنفي ، أما إذا أريد به الاستفهام حقيقة فلا يجوز معه البدل ، ثم لا يخفى أن النصب إنما وجب بعد «الفاء» الواقعة في جواب الأمر لتعذر عطف الخبر على الطلب فاحتيج إلى تقدير «أن» ليحصل بذلك تأويل يصح معه العطف ، وأما في الاستثناء فإن النصب والبدل إنما يبتنيان على كون الكلام موجبا أو غير موجب فافترق البابان. ـ
__________________
(١) انظر : التذييل (٦ / ٦٠٦ ، ٦٠٧).
(٢) انظر : معاني القرآن للفراء (٢ / ٧٩) ونص عبارته : «وكان شيخ لنا يقال له : العلاء بن سيابة ـ وهو الذي علم معاذا الهراء وأصحابه ـ يقول : لا أنصب بالفاء جوابا للأمر».
(٣) انظر : الكتاب (٣ / ٣٤ ، ٣٥).
(٤) تقدم.
(٥) تقدم.
(٦) التذييل (٦ / ٦٠٧).