.................................................................................................
______________________________________________________
وبعد : فسيأتي الكلام على هذه المسألة في الفصل الآتي إن شاء الله تعالى.
ومنها : أن الشيخ ذكر (١) تقسيما في الاستفهام المنصوب الجواب بالنسبة إلى أن الاستفهام قد يكون بالحرف ، وقد يكون بالاسم ، إلى أن خرج من الأقسام مثل قولك : هل زيد أخوك فنكرمه؟ وأوجب الرفع في مثل هذه الصورة.
ولم يظهر لي توجيه ذلك ، وقد تقدم من كلام ابن عصفور أن الجملة الاستفهامية إذا كانت اسمية يجوز في ما بعد «الفاء» الرفع على القطع ، والنصب على السببية ، وهذا هو الظاهر إذ لا وجه لمنع النصب.
ومنها : أن المصنف قد قيد الاستفهام كما عرفت بقوله : أو لاستفهام لا يتضمّن وقوع الفعل. وتقدم كلام بدر الدين على ذلك.
ونحن الآن نشير إلى ما ذكره الشيخ : قال (٢) رحمهالله تعالى مشيرا إلى قول المصنف : لا يتضمّن وقوع الفعل : هذا قيد في الاستفهام فإن تضمن وقوع الفعل لم يجز النصب نحو : لم ضربت زيدا فيجازيك؟ لأن الضرب قد وقع ، وهذا الشرط الذي ذكره في الاستفهام لم أر أحدا من أصحابنا يشترطه ، بل إذا تعذر سبك مصدر مما قبله إما لكونه ليس ثمّ فعل ولا [ما] في معناه ينسبك منه ، وإما لاستحالة سبك مصدر مراد استقباله لأجل مضي الفعل فإنما يقدر فيه مصدر مقدّر استقباله مما يدل عليه المعنى ، فإذا قال : لم ضربت زيدا فنضربك ، أي : ليكن منك تعريف بسبب ضرب زيد فضرب منا.
ثم قال : قال ابن المصنف : واقتدى ـ يعني والده المصنف ـ في هذه المسألة بما ذكره أبو علي في الإغفال رادّا على قول أبي إسحاق الزجاج في قوله تعالى : (لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَ)(٣) : ولو قيل : وتكتموا الحق ؛ لجاز على معنى : لم تجمعون بين ذا وذا؟ ولكن الذي في القرآن أجود في الإعراب. انتهى.
وردّ أبي علي على أبي إسحاق في هذا غير متجه ؛ لأن قوله تعالى : (لِمَ تَلْبِسُونَ) ليس نصّا على أن المضارع أريد به الماضي حقيقة إذ قد ينكر المستقبل لتحقق صدوره لا سيما على الشخص الذي تقدم منه وجود أمثاله ، ولو ـ
__________________
(١) انظر : التذييل (٦ / ٦١٢ ، ٦١٣).
(٢) التذييل (٦ / ٦١٤ ، ٦١٥).
(٣) سورة آل عمران : ٧١.