.................................................................................................
______________________________________________________
وإما على الاستئناف كما قال (١) :
٣٨٥٩ ـ غير أنّا لم تأتنا بيقين |
فنرجّي ونكثر التّأميلا (٢) |
كأنه قال : فنحن نرجي أبدا (٣).
واعلم أن شرط النصب بعد النفي : أن يكون داخلا على الفعل المعطوف عليه إما خاليا عما يزيل معناه وهو النفي المحض كما تقول : ما تأتيني فتحدثني ، ونحوه مما تقدم ذكره ، وإما معه ما يزيل معناه وينقل الكلام على الإثبات وهو النفي المؤول ، وذلك ما قبله استفهام أو بعده استثناء.
فالأول : كقولك : ألم تأتنا فتحدثنا (٤) فتنصب على : ألم تأتنا محدثا؟ قال الشاعر :
٣٨٦٠ ـ ألم تسأل فتخبرك الرّسوم |
على [فرتاج](٥) والطّلل القديم (٦) |
وكل موضع يدخل فيه الاستفهام على النفي فنصبه جائز على هذا المعنى ، ولك فيه الجزم (٧) بالعطف على معنى : ألم تأتنا فلم تحدثنا؟ والرفع على الاستفهام وإضمار مبتدأ كما قال :
٣٨٦١ ـ ألم تسأل الرّبع القواء فينطق |
وهل يخبرنك اليوم بيداء سملق (٨) |
__________________
(١) أنشده سيبويه في الكتاب (٣ / ٣١) قائلا : «ومثل ذلك قول بعض الحارثيين» ، وقال البغدادي : «إنه من شواهد سيبويه التي لم يعرف لها قائل».
(٢) هذا البيت من الخفيف. والشاهد في قوله : «فنرجي» حيث رفع ما بعد الفاء على القطع والاستئناف أي : فنحن نرجي ، وانظر البيت في الكتاب (٣ / ٣١ ، ٣٣) والمفصل (ص ٢٤٩) ، وابن يعيش (٧ / ٣٦ ، ٣٧) والمقرب (١ / ٢٦٥) وشرح الكافية للرضي (٢ / ٢٤٧).
(٣) انظر : الكتاب (٣ / ٣١).
(٤) انظر : الكتاب (٣ / ٣٤).
(٥) ساقطة من (ج) ، (أ) وتركت مساحتها بيضاء في (أ).
(٦) هذا البيت من الوافر ، قالوا : إنه من أبيات سيبويه الخمسين المجهولة القائل ، وقد نسبه ابن السيرافي (٢ / ١٤٩) للبرج بن مسهر.
وفرتاج : موضع في بلاد طيئ ، والرسوم : جمع رسم وهو ما لم يكن له شخص قائم في الدار ، والطلل ما شخص من الدار ، أي : لو سألت لخبرتك الرسوم عن أهلها وليس المراد أنها تخبر بالقول وإنما يريد أن الآثار التي تراها في الرسم تدل على ذهاب الذين كانوا فيه فكأنها تخبره بالقول.
والشاهد فيه : أنه نصب «فتخبرك» على جواب الاستفهام والبيت في الكتاب (٣ / ٣٤) ، والرد على النحاة لابن مضاء (ص ١١٧) ، والتذييل (٦ / ٦١٨) ، واللسان «فرتج».
(٧) انظر : الكتاب (٣ / ٣٤ ، ٣٥).
(٨) هذا البيت من الطويل وهو لجميل بن معمر ، ديوانه (ص ٩١).