.................................................................................................
______________________________________________________
إحداهما : أن الاسم يخبر به ويخبر عنه ، والفعل يخبر به لا عنه ، وما أخبر به وعنه كان أصلا ، لأنه يستقل كلاما ، فلو لم تكن أفعالا لاستقلت الأسماء بالدلالة فهو مستغن والفعل غير مستغن فهو فرع.
الثانية : أن الفعل مشتق من الاسم ، والمشتق فرع المشتق منه ، وإنما بنيت هذه الجهة على رأي البصريين (١) ، وههنا إيراد وهو أن يقال : شبه الاسم الحرف مخرج له عن أصله وهو الإعراب إلى البناء ولم تعتبر فيه إلا جهة واحدة ، وشبهة الفعل لا يخرجه عن أصله واعتبر فيه جهتان!!
ويجاب عنه بأن الاسم بعيد من الحرف فشبهه به يكاد يخرجه عن حقيقته فلا جرم اكتفى به بوجه واحد ، والأولى أن يقال في الجواب : شبه الاسم الحرف إنما هو في شيء هو للحرف ، يعني أن المعنى الذي في الحرف هو بعينه موجود في ذلك الاسم فجهة الشبه قوية ، فاكتفى فيها بوجه واحد ، وأما شبه الاسم الفعل فإنما هو في مطلق الفرعية وليست الفرعية في الفعل هي بعينها الموجودة في الاسم فجهة الشبه بينهما ضعيفة فلا يقتصر فيها على جهة واحدة.
منها : أنه ليس كل شبه بين شيئين يوجب حكما لأحدهما هو في الأصل للآخر بل الشبه إذا قوي أوجب الحكم وإذا ضعف لم يوجبه ، وكلما كان الشبه أحصر فهو أقوى وإذا كان أعم فهو أضعف ، فالشبه الذي من الاسم والفعل من جهة الدلالة على معنى لا يوجب حكما ؛ لأنه عام في كل اسم وفعل ، وليس كذلك الشبه من جهة أنه ثان باجتماع سببين ؛ لأن هذا يخص نوعا من الأسماء فهو خاص مقرب للاسم من الفعل.
ومنها أن يقال : لم اختصت هذه العلل بأنها توجب الفرعية دون غيرها مما هو موجود في الأسماء ليس بأصل كالعمل مثلا ، فإن كون الاسم عاملا فرع على العمل ، فكان ينبغي على هذا إذا انضم إلى الاسم العامل سبب آخر أن يمتنع من الصرف.
والجواب عنه أن يقال : لم تعتبر إلا معان يصير الاسم بها فرعا عن غيره لا معان اشترك فيها الأصل والفرع ، ألا ترى أن العجمة إنما اعتبرت لأن الاسم إذا قامت به العجمة صار أعجميّا فيكون فرعا على العربية ، فالذي اعتبر إنما هي معاني فروع ـ
__________________
(١) انظر. تفصيل هذه المسألة في الإنصاف (ص ٢٣٥) (مسألة رقم ٢٨).