.................................................................................................
______________________________________________________
وغيره قدر العامل فيها كلّها فعلا واحدا وهو صادفت أي : صادفت مرحبا أي : رحبا وسعة ومن يقوم لك مقام الأهل ، وسهلا أي : ليّنا وخفضا لا حزنا ، قال : وهذا يقع خبرا لمن قصدك ودعا للمسافر أي .. لقاك الله ذلك ، وقدره سيبويه برحبت بلادك وأهلت وعلى هذا يكون انتصاب «مرحبا» على المصدر لا على المفعول به ، وكذلك «أهلا» قال : وهذا الذي قدره سيبويه إنما هو إذا استعمل دعاء ، أما إذا كان خبرا على تقدير : أصبت رحبا وأهلا فيكون مفعولا به لا مصدرا. انتهى.
وفي قوله : «إنّ المصنف جعل مرحبا وأهلا وسهلا مع الناصب لها جملا ثلاثا» نظر ، فإن ما ذكره لا يلزم إلّا إذا كان كلّ من الكلم الثلاث لا يفرد أي : لا يستعمل مفردا ولا شكّ أن «مرحبا» يستعمل وحده كما يستعمل معطوفا عليه ، والظاهر أنه لا يمتنع استعمال «أهلا» وحده ، وإذا كان كذلك كان مراد المصنف أن القائل «مرحبا» يقدر : أصبت ، والقائل «أهلا» يقدر : أتيت ، والقائل «سهلا» يقدر : وطئت ، ولا يكون مراده أنّ الكلمات المذكورة لا تستعمل إلّا مقرونا بعضها ببعض ، فيلزم منه أن الكلام يشتمل على ثلاث جمل.
وأما «عذيرك» فالناصب له «أحضر» (١) كما قال المصنف ، يقال : عذيرك من فلان ، وأنشد سيبويه (٢) لعمر (و) بن معديكرب :
٣٥٥٦ ـ أريد حياته ويريد قتلي |
عذيرك من خليلك من مراد (٣) |
__________________
(١) انظر ابن يعيش (٢ / ٧٢) والهمع (١ / ١٦٩).
(٢) انظر الكتاب (١ / ٢٧٦).
(٣) البيت من الوافر وهو لعمرو بن معديكرب تمثّل به علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حين ضربه ابن ملجم لعنه الله. وانظر اللسان (عذر) مجمع الأمثال (٢ / ٥٧).
الشرح : «عذيرك» أي : هات عذرك وقرب عذرك ، واختلف فيه فمنهم من جعله مصدرا بمعنى العذر وهو مذهب سيبويه : وهو الأولى : لأن المصدر يطرد وضعه موضع الفعل بدلا منه لأنه اسمه ، ومنهم من جعله بمعنى : عاذر كعليم وعالم والمعنى عنده : هات عاذرك واحصر عاذرك ، والمعنى : أريد حياته ونفعه مع إرادته قتلي وتمنيه موتي فمن يعذرني منه؟.
والشاهد : نصب «عذيرك» ووضعه موضع الفعل بدلا منه فهو مصدر نائب عن فعله. والبيت في الكتاب (١ / ٢٧٦) (هارون) ، وابن يعيش (٢ / ٢٦). والهمع (١ / ١٦٩) والدرر (١ / ١٤٥).