.................................................................................................
______________________________________________________
ومنها : أنّ صفات الله تعالى لا يتعجّب منها ، فإنها لا تقبل الزيادة ، إذ هي في أكمل الصفات ، ولا يتصور فيها خلاف ذلك.
وأما قول العرب : ما أعظم الله! وما أجلّ الله! (١) ، وقول الآخر :
٢٠٨٧ ـ ما أقدر الله أن يدني على شحط |
من داره الحزن ممّن داره صول (٢) |
فقالت الأئمة فيه : إنّ التعجب منهم غير مقصود ، ولكنّ هذا كلام يجري مجرى الذكر والتعظيم لله تعالى (٣). ـ
__________________
(١) ينظر : منهج السالك (ص ٣٧٥).
وفي حاشية الشيخ يس على شرح التصريح (٢ / ٨٦): (توقف بعضهم في صحة قولنا ـ مثلا ـ : ما أعظم الله وما أجلّه! لأنه يقتضي بظاهره أن المعنى شيء عظيم ، أعظم الله أي : جعله عظيما ، وهذا إن لم يكن كفرا فهو قريب منه ، وقدر بعضهم مضافا قبل «الله» فيكون التقدير : شيء عظيم قدر الله ، وهذا الشيء هو «الله» وفيه إطلاق ما على الله تعالى) ا ه وأقول : صرح ابن الأنباري بصحة : ما أعظم الله ، وبسط شيخ الإسلام السبكي الكلام على المسألة ، وذكرنا ما يتعلق به في حاشية الألفية ا ه.
(٢) هذا البيت من البسيط ، وهو لحندج بن حندج المري ، كما نسبه القالي ، وأبو تمام والعيني.
اللغة : ما أقدر الله : مثل ما أعظم الله! وهو صيغة تعجب ، وعلى : بمعنى مع ، شحط : بعد ، والحزن : ـ بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي المعجمة ونون ـ موضع ببلاد العرب ، وصول : ـ بضم الصاد المهملة ـ قال التبريزي : من بلاد الترك ، والمعنى : ما أقدر الله على إدناء من هو مقيم بالحزن ، ممن هو بصول.
والشاهد فيه قوله : «ما أقدر الله» ؛ حيث استشهد به على شذوذ قوله : «ما أقدر الله!» لعدم قبول صفات الله الكثرة.
ينظر الشاهد في : الإنصاف (١ / ٨٢ ، ٩٥) ، ومنهج السالك (ص ٣٧٥) ، والتذييل والتكميل (٤ / ٦٧٥) ، والأشموني (١ / ١٠١) ، والهمع (٢ / ١٦٧) ، والدرر (٢ / ٢٢٤).
(٣) وفي الهمع (٢/ ١٦٧): (ترجيح التعجب من صفات الله حيث قال ما ملخصه : قال أبو حيان : وشذ أيضا قولهم : ما أعظم الله ، وما أقدره في قوله:
ما أقدر الله أن يدني على شحط |
... |
لعدم قبول صفات الكثرة ، والمختار ـ وفاقا للسبكي وجماعة ، كابن السراج ، وابن الأنباري ، والصيمري جوازه ، والمعنى ـ في : ما أعظم الله! ـ أنه في غاية العظمة ، ومعنى التعجب فيه أنه لا ينكر ؛ لأنه مما تحار فيه العقول ، وإعظامه تعالى وتعظيمه الثناء عليه بالعظمة ، واعتقادها ، وكلاهما حاصل والموجب لهما أمر عظيم ، والدليل على جواز إطلاقه صيغة التعجب والتفضيل في صفاته تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) أي ما أسمعه وأبصره) ا ه.
ينظر : الإنصاف مسألة رقم (١٥) (ص ٨٢). وفي الأشباه والنظائر (٤ / ١٠٦ ، ١٠٩) : ذكر قول النحاة وتأولهم قول العرب : ما أعظم الله!.