.................................................................................................
______________________________________________________
ذكرته ، وقفت على كلام الشيخ فوجدته قد نحا إلى ما نحوت إليه ، حتّى قال : ولست أعلم أنّ أحدا من النحاة عدّد في الشواذّ ما عدّده ابن عصفور ، ولم يسلم له مثال مما ذكر أنّه شاذ ، فحصل لي اعتضاد بما ذكره رحمهالله تعالى ، ومنها أنّ ابن عصفور ذكر ألفاظا ، بنيت من الفعل المزيد فيه ، مقصودا بها التعجّب (١) ، غير ما ذكره المصنف ، وهي : ما أتقاه! من «اتّقى» ، وما أقومه! من «استقام» ، وما أمكنه عند الأمير! من «تمكّن» ، وما أملأ القربة! من «امتلأ» ، وما آبل الرجل! أي : ما أكثر إبله ، وإنّما يقال : يأبل إبلا ، إذا اتخذها ، وذكر غيره : ما أرفقه! وما أحوجه! وقد قيل : إنّ لكلّ من هذه الصيغ فعلا ثلاثيّا ، والحقّ أنّ ذلك غير ثابت.
ومنها : أنك قد عرفت ما ذكره المصنف ، من الخلاف في بناء هذين الفعلين ، من «أفعل» ، والذي تلخّص أنّ في ذلك مذاهب ثلاثة ، يفرق في الثالث بين ما همزته للنقل ، وما همزته لغير النّقل ، فلا يبنى من الأول ، ويبنى من الثّاني (٢).
وقد عرفت ما ذكره المصنف من أنه لا فرق بينهما ، وأنّه يجوز بناء فعلي التعجّب من كلّ من الفعلين ـ أعني : ما همزته للتعدية ، وما همزته لغيرها ـ وقد قال المصنف : إنّه مذهب سيبويه والمحققين (٣) ، ووافق المصنف على تصحيح هذا المذهب ابن هشام الخضراويّ ، ومن المسموع مما الهمزة فيه للتعدية قولهم : ما آتاه للمعروف! وما أعطاه للدراهم! وما أولاه بالمعروف! وما أضيعه لكذا! ومن المسموع مما الهمزة فيه لغير التعدية قولهم : ما أنتنه! في لغة من قال : أنتن ، وما أخطأه! وما أصوبه! وما أيسره! وما أعدمه! وما أسنّه! وما أوحش المكان الفلانيّ! وما أمتعه! وما أشرفه! وما أفرط جهله! وما أظلمه! وما أضوأه! (٤). ـ
__________________
(١) قال ابن عصفور في الشرح الكبير (١ / ٥٧٦): (فلا يجوز التعجب إلا ما شذ ، وهو : ما أحسنه! وما أقبحه! وما أطوله! وما أقصره! وما أهوجه! وما أنوكه! وما أحمقه!) ا ه.
(٢) ينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٦٨٨).
(٣) ينظر : المقتضب للمبرد (٤ / ١٧٨) ، والمرجع الذي قبله (٤ / ٦٨٨ ، ٦٨٩) ، ومنهج السالك (ص ٣٧٤) ، وشرح التسهيل للمرادي (١٩٢ / أ) ، والمساعد (١٤٤ / أ، ب) وتوضيح المقاصد والمسالك (٣ / ٩٥).
(٤) ينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٦٩٠).