.................................................................................................
______________________________________________________
ومنها : أنّ المصنف جعل بناء هذين الفعلين من الفعل المبنيّ للمفعول ؛ غير مقصور على السّماع ، لكن قال الشيخ : قصر ذلك على السماع هو قول الجمهور.
ومنها : أنّه تقدم أنّ العرب تركت التعجّب من أفعال مستوفية للشروط ، واستغنت عنها بغيرها ، وذكر أنّ من جملتها : قام ، وقعد ، وجلس (١).
قال الشيخ : ومن عدّ «نام» فيها فليس قوله بصحيح ؛ لأنّ سيبويه حكى : ما أنومه (٢)! وقالت العرب : هو أنوم من فهد (٣).
وحكى الأخفش عن بعض العرب : ما أغضبه! (٤).
ومنها : أنّ الشيخ قال في قول المصنف : ويتوصّل إلى التعجّب إلى آخره : إنّ هذا الحكم لا يختض بما فقد فيه شرط من الشروط ، بل يجوز هذا الحكم فيما استوفى الشروط ، فتقول : ما أكثر ضرب زيد لعمرو ، وأكثر بضرب زيد لعمرو ، وما أكثر ما ضرب زيد عمرا ، وأكثر بما ضرب زيد عمرا (٥) انتهى ، وفيما ذكره نظر ، فإنّ التعجب فيما مثّل به ليس من الضّرب ، إنّما هو من كثرة الضّرب ، و «أكثر» ليس نائبا عن شيء ، إنما هو صيغة «أفعل» التفضيل ، والفعل الذي بنى منه هو كثر ، كما أنّ «أحسن» ـ مثلا ـ صيغة تفضيل ، وهو من «حسن».
والحاصل : أنّ الفرق معقول بين قولنا : ما أضرب زيدا لعمرو ، وقولنا : ما أكثر ضرب زيد لعمرو ، ففي المثال الأول : التعجّب من الضرب ، وفي المثال الثاني : التعجّب من كثرته ، لا منه.
ومنها : أنّ المانع من التعجّب ، إن كان كون الفعل منفيّا ، جعلت الفعل في صلة أن ، نحو : ما أقبح أن لا يأمر بالمعروف ، وأقبح بأن لا تأمر بالمعروف ، قالوا : فلو كان الفعل من باب «كان» ممّا لزمه النّفي لكونه وضع له وهو «ليس» ، أو لكونه ـ
__________________
(١) ينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٦٩٣) ، وشرح المصنف (٣ / ٤٧).
(٢) ينظر : الكتاب (٤ / ٦٩) ونصه : «وما أنومه في ساعة كذا وكذا».
(٣) ينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٦٩٤) وقد ذكر هذا القول في كتاب «أفعل» لأبي علي القالي (ص ٨٢) تحقيق : الفاضل بن عاشور ط. تونس سنة (١٩٧٢ م).
(٤) لمراجعة ما حكاه الأخفش ينظر : منهج السالك (ص ٣٧٧) ، والتذييل والتكميل (٤ / ٦٩٣).
(٥) ينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٦٩٦).