.................................................................................................
______________________________________________________
الناقص ؛ فإنّ المصنف لم يصرح بالعلة المقتضية لعدم جواز بناء فعل التعجب منه ، لكنّ العلة في ذلك تعرف من قوله : إنّ همزة أفعل في التعجب لتعدية ما عدم التعدي في الأصل أو الحال ، والحاصل : أنّه لا بدّ أن يتصور اللزوم في الفعل الذي يبنى منه هذان الفعلان ـ أعني فعلي التعجّب ـ قبل أن يبنيا ، وإذا كان كذلك امتنع التعجب من نحو : «كان» ؛ لأنّك إذا قلت : ما أكون زيدا ، أو افتقرت ، لزم حذف الخبر ، وإبقاء المخبر عنه في المعنى دون خبر غير جائز ، وذكر الخبر ممتنع ؛ لأنك إن ذكرته منصوبا لم يكن له ناصب ؛ لأنّ «أفعل» ، الذي هو «أكون» لا يتعدّى إلا إلى واحد ، وقد استوفاه ، وإن ذكرته مجرورا باللّام أدّى ذلك إلى إدخال اللام الجارة على ما هو خبر في الأصل ، قال ابن عصفور : ولا نظير لذلك في كلامهم (١) ، وأما ما ذكره الشيخ في شرحه ، أنّ بعضهم أجاز التعجّب من «كان» فيقول : ما أكون عبد الله قائما (٢) ، فيكون «قائما» منصوبا على أنّه خبر «كان» ، فلا معوّل عليه ، وقد قال هو : إن الذي ذكره المصنف ، من عدم الجواز في «كان» ، وأخواتها ؛ هو مذهب الجمهور (٣) ، وكفى بذلك ، وأما الفعل المنفيّ ، فلعدم إمكان البناء منه ، مع مراعاة معنى النّفي ، وأما الفعل غير القابل معناه للكثرة ، فلمنافاة المعنى المقصود بالتعجّب ، ثمّ إنّ الذي يتعذر التعجب منه من الأفعال لمانع من الموانع التي ذكرت ؛ فإن كان المانع مصاحبة ناف الفعل ، أو عدم تصرّف الفعل ؛ فلا سبيل إلى التعجّب من الفعلين ، وإن كان المانع غير هذين الأمرين أمكن التعجب ، لكن بطريق ، وهو أن يؤتى بمصدر ذلك الفعل ، ويعطى ما للمتعجّب منه مضافا إليه (٤) ، بعد «أشدّ» ، أو «أشدد» ، ونحوهما ، بـ «ما» المصدرية ، متلوة بالفعل الذي هو مصوغ للمفعول ، فتقول : ما أشدّ ما ضرب زيد ، وأشدد بما ضرب زيد ، كما تقول فيما ذكر قبل : ما أشدّ انطلاق زيد ، وأشدد بانطلاقه ؛ فالإتيان بالمصدر لا بدّ منه إلا أنّه قد يؤتى به مؤولا ، إنما وجب الإتيان به مؤولا ، لأنّه لو أتي ـ
__________________
(١) ينظر ابن عصفور في الشرح الكبير (١ / ٥٨١): (فأما ما كان من باب «كان» فلم يجز التعجب منه ، لأنه إذا بني على «فعل» لم يحتج إلى أكثر من فاعل ، فتدخل عليه همزة النقل ، فيصير الفاعل مفعولا فتقول : ما أكون زيدا ؛ فيؤدي إلى إلغاء المبتدأ دون خبره ، ولا يجوز : ما أكون زيدا القائم ؛ لأن اللام لا تدخل على خبر المبتدأ) ا ه.
(٢ و ٣) ينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٦٧١).
(٤) ينظر : المرجع السابق (٤ / ٦٩٥).