.................................................................................................
______________________________________________________
به صريحا لما علم هل هو مصدر فعل فاعل ، أو مصدر فعل مفعول كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في كلام المصنف (١) ، واعلم أنه إذا لم يكن للفعل مصدر مشهور ، وتعذّر التعجب من ذلك الفعل ، فالطريق في التوصل إلى التعجّب منه أن يجعل الفعل صلة لـ «ما» كما كان ذلك في الفعل المبني للمفعول ، فيقال : ما أكثر ما يذر زيد الشرّ ، وأكثر بما يذر زيد الشرّ.
وإذ قد عرف ذلك فلنشر إلى أمور :
منها : أنّ الشيخ نقل (٢) عن ابن القطاع (٣) أنّهم يقولون : ذرعت المرأة ، إذا خفت يداها في العمل ، فهي ذراع (٤) ، قال (٥) : وعلى هذا لا يكون قولهم : ما أذرع فلانة شاذّا ؛ لأنّه مصوغ من فعل ، ثمّ قال : وأما يعج فإنّه قد استعمل مثبتا (٦) ، وأنشد البيت الذي تقدم إنشاده له في باب «كان» وهو :
٢٠٨٦ ـ ولم أر شيئا بعد ليلى ألذّه |
ولا مشربا أروى به فأعيج (٧) |
__________________
(١) ينظر : شرح المصنف (٣ / ٤٤).
(٢) في التذييل والتكميل (٤ / ٦٧٠).
(٣) هو علي بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن الحسين بن أحمد بن محمد ، المعروف بابن القطاع الصقلي السعدي ، أبو القاسم ، كان إمام وقته بمصر في علم العربية ، وفنون الأدب ، قرأ على أبي بكر الصقلي ، وروى عنه الصحاح للجوهري ، وصنف : كتاب الأفعال ـ أبنية الأسماء ـ حواشي الصحاح ، وغير ذلك ، توفي بمصر سنة (٥١٤ ه). وقيل : سنة (٥١٥ ه).
تنظر ترجمته في : بغية الوعاة (٢ / ١٥٣) ، وطبقات ابن قاضي شهبة (٢ / ١٤٣).
(٤) ينظر : كتاب الأفعال ، لابن القطاع (١ / ٣٨٣) مادة «ذرع» الطبعة الأولى سنة (١٣٦٠ ه) بحيدرآباد ، المطبعة العثمانية. وينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٦٧٠) ، ومنهج السالك (ص ٣٧٥) ، ومثله توضيح المقاصد والمسالك للمرادي (٣ / ٦٤).
(٥) أي : قال الشيخ أبو حيان في التذييل والتكميل (٤ / ٦٧٠).
(٦) في المرجع السابق (٤ / ٦٧٣): (وما ذهب إليه المصنف من أن «عاج» بمعنى «انتفع» استعملته العرب منفيّا لا مثبتا ليس بالصحيح ...) ا ه.
(٧) البيت من الطويل ، ولم ينسب لقائل معين ، وهو في أمالي القالي (٢ / ١٦٨) : أنشده أحمد بن يحيى ، عن ابن الأعرابي ، قال القالي : أعيج : أنتفع ، يقال : شربت دواء ، فما عجت به ، أي : ما انتفعت به.
والشاهد فيه قوله : «فأعيج» ؛ حيث استعمله مثبتا ، بمعنى : أنتفع ، كما قال أبو علي ، واستشهد به أبو حيان على الإثبات ردّا على المصنف ابن مالك في أنه للنفي فقط.
وينظر الشاهد في : اللسان «عيج» ، ومنهج السالك (ص ٣٧٥) ، والتذييل والتكميل (٤ / ٦٧٣).