.................................................................................................
______________________________________________________
ولكن المغاربة ذكروا أن الذاهبين إلى ذلك استدلوا عليه بقولهم : أطعمتهم عن جوع ، أي : من أجل جوع ، وبقول الشاعر :
٢٥٢٩ ـ بسير تقلّص القيظان عنه |
بيد مغازة الخمس الكمال (١) |
يريد : تقلص القيظان من أجله ، وبقول الآخر :
٢٥٣٠ ـ ولقد شهدت إذا القداح توحّدت |
وشهدت عند اللّيل موقد نارها |
|
عن ذات أولية أساود ربّها |
وكأنّ لون الملح فوق شغارها (٢) |
يريد : من أجل ذات أولية ، والأولية جمع ولي ، وهو الثاني من الوسمي ، ويريد به الربيع الذي يكون عنه.
وأجابوا عن ذلك : أما (أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ)(٣) فقالوا : ليست «عن» فيه بمعنى «من أجل» ؛ لأن «أطعمه من جوع» معناه : أنه أطعمه من أجل الجوع ، و «أطعمه عن جوع» معناه : أطعمه بعد الجوع ؛ فقد عدا وقته وقت الجوع وتجاوزه. وأما قوله :
بسير تقلص القيظان عنه
فقالوا : «عن» فيه باقية على معناها ؛ لأن القيظان إنما تقلص بعد وقوع السير ، وإذا كان قلوصها بعد السير فقد تجاوز وقت القلوص وقت السير. وأما قول الآخر :
عن ذات أولية أساود ربها
فقالوا : «عن» فيه متعلقة بـ «أساود» و «أساود» ضمن معنى : أساير ؛ لأن المساودة هي المسايرة ، ومساودته له في حقها سؤال عنها ، ويمكن أيضا أن يضمن «أساود» معنى : أخادع ؛ لأنه إنما أسود ربها ليخدعه عنها. ذكر ذلك ابن عصفور في شرح الإيضاح (٤).
وأما استدلال المصنف فقد تأوله الشيخ بأن المعنى : إلا بعد موعدة ، وبعد قولك ، وبعد ريثهن ؛ قال : وإذا كان ذلك بعد فقد تجاوز الوقت (٥). انتهى.
ولا يخفى ضعف هذا التأويل ؛ لأن المراد أن الاستغفار ما كان من إبراهيم صلىاللهعليهوسلم ـ
__________________
(١) بنصه وبغير نسبة في المصدر السابق.
(٢) البيتان من الكامل وانظرهما في : الارتشاف (ص ١١٦٣).
(٣) سورة قريش : ٤.
(٤) ينظر : التذييل (٤ / ٢٣ ، ٢٤).
(٥) التذييل (٤ / ٢٤) ، (٧ / ٤١ ب).