.................................................................................................
______________________________________________________
لأبيه إلا لأجل الموعدة ؛ فالآية الشريفة مسوقة للاعتذار عنه صلىاللهعليهوسلم فإن استغفاره لأبيه إنما كان من أجل الوفاء بعهده له ، وليس المراد الإخبار بأن الاستغفار كان بعد الوعد أو قبله ، وكذا المراد من الآية الشريفة الثانية أنهم يقولون : إنهم لا يتركون آلهتهم من أجل قول هود صلىاللهعليهوسلم. وأما موافقة «بعد» فقد استدل عليه المصنف بقوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)(١) ، واستدل أيضا بقول القائل :
٢٥٣١ ـ لقحت حرب وائل عن حيال
وبقول الآخر :
٢٥٣٢ ـ ... عن غبّ معركة
وذكر المغاربة أيضا من الأدلة على ذلك بعد ذكرهم الآية الشريفة قول : امرئ القيس :
٢٥٣٣ ـ وتضحي فتيت المسك فوق فراشها |
نؤوم الضّحى لم تنتطق عن تفضّل (٢) |
أي : بعد تفضل ، وقول الآخر :
٢٥٣٤ ـ ومنهل وردته عن منهل |
[قفر به الأعطان لم تسهّل] (٣) |
أي : بعد منهل.
وأجابوا عن ذلك : أما الآية الشريفة ؛ فقال ابن عصفور : إنما وقعت «عن» فيها موقع «بعد» لتقارب معنيهما ؛ لأن «عن» تكون لما عدا الشيء وتجاوزه و «وبعد» لما تبعه وعاقبه. فإذا جاء الشيء بعد الشيء فقد عدا : وقته وقته. قال : ومثل ذلك : «لم تنتطق عن تفضّل» ؛ لأنها إذا جعلت النطاق بعد التفضل فقد عدا وقت الانتطاق وقت الشروع في التفضل وتجاوزه. قال : ومثل ذلك : «ومنهل وردته عن منهل» ؛ لأنه إذا ورد منهلا بعد منهل ؛ فقد تجاوز وقت ورود الثاني وقت ورود الأول (٤).
وقال ابن أبي الربيع ـ في «لم تنتطق عن تفضّل» ـ : الذي يظهر لي أن التتنطق لما كان بعد التفضل فكأنه بسببه إذا كان ناشئا عنه فصار يقرب من قولك : كلمته ـ
__________________
(١) سورة الانشقاق : ١٩.
(٢) من الطويل ، ولم تنتطق : لم تشد عليها نطاقا بعد تفضل ، والتفضل : لبس ثوب واحد ، يريد أن لها من الخدم من يكفيها فهي لا تهتم بأمرها ، والبيت في ديوانه (ص ٥٧).
(٣) بيت من الرجز ـ ذكرنا عجزه ـ ينسب للعجاج ولأبي النجم. راجع : أمالي الشجري (٢ / ٢٦٩) ، والمخصص (١٤ / ٦٧) ، والمغني (ص ١٤٨).
(٤) يراجع : التذييل (٤ / ٢٤) ـ دون نسبة.