.................................................................................................
______________________________________________________
ومن «اشتاق» : ما أشوقه ، ومن «اختال» : ما أخوله ، ومن : «اختصر الشيء» : ما أخصره وفي هذا شذوذ من وجهين : أحدهما : أنه من مزيد فيه ، والآخر : أنّه من فعل المفعول ، وأكثر النحويين يجعلون من شاذّ التعجّب : ما أفقره! وما أشهاه! وما أحياه! وما أمقته! لاعتقادهم أنّ ثلاثي : «افتقر ، واشتهى ، واستحيى» مهمل ، وأنّ فعل الفاعل من «مقت» غير مستعمل ، وليس الأمر كما اعتقدوه ، بل استعملت العرب «فقر» بمعنى «افتقر» ، و «شهي الشيء» بمعنى «اشتهاه» ، و «حيي» بمعنى «استحيى» ، وكذلك استعملت : مقت الرجل مقاتة ، إذا صار مقيتا ، أي : بغيضا [٣ / ١١٩] فليس قولهم : ما أفقره من افتقر ؛ بل من فقر ، أو فقر ، ولا : ما أشهاه من اشتهى ؛ بل من شهي ، ولا ما أحياه ، من استحيى ، بل من حيي ، ولا : ما أمقته من مقت ؛ بل من مقت ، وممّن خفي عليه استعمال «فقر ، وفقر ، ومقت» سيبويه (١) ، ولا حجّة في قول من خفي عليه ما ظهر لغيره ، بل الزيادة من الثّقة مقبولة.
وقد ذكر استعمال ما ادعيت استعماله جماعة من أئمة اللّغة وإن كان المزيد فيه على وزن «أفعل» لم يقتصر في صوغ فعلي التعجّب منه على المسموع ، بل يحكم فيه بالاطراد ، وقياس ما لم يسمع منه على ما سمع ، ما لم يمنع مانع آخر ، هذا هو مذهب سيبويه والمحقّقين من النّحاة (٢) ، ولا فرق بين ما همزته للتعدية ، كـ : «أعطى» ، وبين ما همزته لغير التعدية ، كـ : «أغفى» ، ويشهد بأنّ هذا مذهب سيبويه قوله في الباب المترجم بهذا باب ما يعمل عمل الفعل ، ولم يجر مجرى الفعل ، ولم يتمكن تمكنه : وبناؤه أبدا من فعل ، وفعل ، وفعل ، وأفعل. هذا نصّه ؛ فسوّى بين «أفعل» ، والثّلاثة الثلاثيّة ، في صحة بناء فعل التعجب منها ، وأطلق القول بـ «أفعل» فعلم أنّه لا يفرق بين ما همزته للتعدية ، وما همزته لغير التعدية (٣) ـ
__________________
(١) في التذييل والتكميل (٤ / ٦٨٧): (وهذا الذي تبجح ـ أي ابن مالك ـ بالاطلاع عليه ، لا يقدح فيما قاله سيبويه ؛ لأن سيبويه إنما ينقل فصيح اللغة ومستعملها ، لا شاذها ، فالذين قالوا : ما أفقره ؛ تكون لغتهم «افتقر» لا «فقر» ولا «فقر» وإن شيئا غابت معرفته عن سيبويه لجدير بأن يطرح) ا ه.
(٢) التذييل والتكميل (٤ / ٦٨٩).
(٣) ينظر : منهج السالك (ص ٣٧٤) وابن عصفور هو الذي نسب هذا التفصيل إلى سيبويه ، وينظر : شرح التسهيل للمرادي (١٩٢ / أ) ، والمساعد لابن عقيل (٢ / ١٦٣) ، وفي التذييل والتكميل (٤ / ٦٩٠): (فظاهر كلام سيبويه هنا أنه يجوز التعجب من «أفعل») ا ه.