.................................................................................................
______________________________________________________
امتنع صوغ أفعل التفضيل ، امتنع ، صوغ فعل التعجّب ، لتساويهما وزنا ومعنى ، وجريانهما مجرى واحدا ، في أمور كثيرة ، وهذا الاعتبار هيّن بيّن ، ورجحانه متعين.
وقد يبنى فعل التعجّب من فعل المفعول ، إن أمن الالتباس بفعل الفاعل نحو : ما أجنه وما أنجبه ، وما أشغفه ، وهذا الاستعمال في أفعل التفضيل أكثر منه في التعجّب ، كـ : أزهى من ديك (١) ، وأشغل من ذات النحيين (٣) ، وأشهر من غيره ، وأعذر ، وألوم ، وأعرف ، وأنكر ، وأخوف ، وأرجى ، من : شهر ، وعذر ، وليم وعرف ، ونكر ، وخيف ، ورجي. وعندي أنّ صوغ فعل التعجّب ، وأفعل التفضيل من فعل المفعول الثلاثيّ الذي لا يلتبس بفعل الفاعل ، لا يقتصر فيه على المسموع ، بل يحكم باطراده ، لعدم الضائر ، وكثرة النظائر ، وقد يبنى فعل التعجب من فعل «أفعل» مفهم جهل ، أو عسر ، والإشارة بذلك إلى : حمق ، ورعن ، وهوج ، ونوك (٤) ، وألد ، إذا كان عسر الخصومة ، وبناء الوصف من هذه الأفعال على أفعل في التذكير ، وفعلاء في التأنيث ، لكنها ناسبت ـ في المعنى ـ «جهل وعسر» فجرت في التفضيل والتعجّب مجراهما ، فقيل : ما أحمقه ، وأرعنه ، وأهوجه ، وأنوكه ، وألدّه! وهو أحمق منه ، وأرعن ، وأهوج ، وأنوك ، وألدّ (٥).
وقد يبنى فعل التعجّب من ثلاثيّ مزيد فيه ، كقولهم من «اشتد» : ما أشدّه ، ـ
__________________
(١) مجمع الأمثال للميداني (١ / ٣٢٧).
(٢) هذا مثل ، قيل في امرأة ، من بني تيم الله بن ثعلبة ، كانت تبيع السمن في الجاهلية ، ساومها خوات ابن جبير الأنصاري ، ليبتاع منها السمن ، وشغل يديها ، وقضى ما أراد وانصرف ، ثم أسلم وتاب.
النحي : الزق ، وقيل : هو ما كان للسمن خاصة.
والشاهد فيه : «أشغل من» : حيث صاغ «أفعل» من فعل المفعول أي : شغلت ، وحق فعل المفعول بالزوائد ، وهو «افتعل» فلا يجيء أفعل منه إلا قليلا.
ينظر المثل في : جمهرة الأمثال للعسكري (ص ٥٦٤) ، ومجمع الأمثال (١ / ٣٧٦) ، وهو في اللسان «نحي» والمثل في كتاب «أفعل» لأبي علي القالي (ص ٦٤).
(٣) النوك : الحمق ، وقد نوك ، أي : حمق ، وهو أنوك ، ينظر : اللسان «نوك».
(٤) ينظر : شرح التسهيل لابن مالك (٣ / ٤٦).