.................................................................................................
______________________________________________________
كما فعل ابن عصفور (١) ؛ إذ أجاز القياس على : ما أغفى زيدا ؛ لأنّ همزته غير معدّية ، ولم يقس على : «ما أعطاه» ؛ لأنّ همزته معدية ، وهو تحكم بلا دليل.
هذا مع أنّ سيبويه قال ـ بعد قوله : وبناؤه أبدا من فعل وفعل وفعل وأفعل فشبه هذا بما ليس من الفعل ، نحو : «لات» ـ : وإن كان من : حسن وكرم وأعطى (٢) ؛ فلم يفرق بين «أعطى» ، و «كرم» ، مع العلم بأنّ همزة «أعطى» معدّية ، لأنّه يقال : عطوت الشيء ، بمعنى : تناولته ، وأعطيته فلانا ؛ فيصير «عطوت» بالهمزة متعديا إلى اثنين ، بعد أن كان دونها متعديا إلى واحد ، ومن تصريح سيبويه باطراد : ما أعطاه ، وشبهه قوله ـ في الربع الأخير من كتابه ـ : هذا باب ما يستغنى فيه عن «ما أفعله» بـ «ما أفعل فعله» ، ثم قال (٣) : كما استغني بـ «تركت» عن «ودعت» وكما استغني بـ «نسوة» عن أن يجمعوا المرأة على لفظها ، وكذلك في الجواب ، ألا ترى أنك لا تقول : ما أجوبه! ، إنّما تقول : ما أجود جوابه!».
ثمّ قال : وكذلك لا تقول : أجوب به ، وإنما تقول : أجود بجوابه ، ولا يقولون في قال يقيل : «ما أقيله!» استغنوا بـ «ما أكثر قائلته» ، و «ما أنومه في ساعة كذا» ، كما قالوا : «تركت» ، ولم يقولوا : «ودعت» هذا نصّه ؛ فجعل استغناءهم عن : «ما أجوبه!» بـ «ما أجود جوابه!» مساويا لاستغنائهم عن «ودعت» ماضي «يدع» بـ «تركت» ، وعن «ما أقيله» بـ «ما أكثر قائلته» ، مع العلم بأنّ عدولهم عن «ودع» إلى «ترك» ، وعن «ما أقيله» إلى ما أكثر قائلته!» على خلاف القياس وأنّ «ودع» ، و «ما أقيله!» موافقان للقياس ، فيلزم أن يكون ما أجوبه موافقا للقياس ، وهذا بيّن ، والاعتراف بصحته متعين ، وإنما استحق «أفعل» مساواة الثلاثيّ المحض ، في هذا الاستعمال ، دون غيره ، من أمثلة المزيد فيه ؛ لشبهه به لفظا ، ولكثرة موافقته له معنى (٤). ـ
__________________
(١) ينظر : المقرب لابن عصفور (١ / ٧٣).
(٢) ينظر الكتاب (١ / ٧٣) ، والتذييل والتكميل (٤ / ٦٩١).
(٣) ينظر : الكتاب (٤ / ٩٩).
(٤) ينظر : شرح المصنف (٣ / ٤٨) ، والتذييل والتكميل (٤ / ٦٩٢) ، وفي نقل الشيخ أبي حيان ، والعلامة ناظر الجيش عن شرح المصنف بعض تصرف.