.................................................................................................
______________________________________________________
بكونه لا يعبّر عن فاعله بـ «أفعل فعلاء» احترازا من «شنب (١) ، ودعج (٢) ولمي (٣)» ونحوها من الأفعال التي بناء الوصف منها للمذكر «أفعل» ، وللمؤنث «فعلاء» ، ولا فرق في النوع بين ما هو من العيوب ، كـ : «برص ، وبرش (٤) ، وحول ، وعور» وبين ما هو من المحاسن كـ : «شهل (٥) ، وكحل ، وطهي ، ولمي» وإنّما لم يبن من هذا النوع فعل تعجّب ، لأنّ مبناه من الفعل حقه أن يكون ثلاثيّا محضا (٦) ، وأصل الفعل في هذا النوع أن يكون على «أفعل» ولذلك صحت منه العين إذا كان ثلاثيّ اللفظ ، كـ : «هيف ، وحيد ، وعور ، وحول» ولم تقلب ألفا ، كما فعل بـ «هاب ونال ، وخاف ، ونام» مع أنّ العين من جميعها حرف لين متحرك مفتوح ما قبله.
وهذا الذي فعل بـ «فعل» من الصحيح حملا على : «فعل» ، مقدرا أو موجودا ، شبيه بما فعل بـ «اجتوروا» حملا على «تجاوروا» و «مخيط» حملا على «مخياط» ولو لا ذلك لقيل في «اجتوروا» : «تجاوروا» كما قيل : «اجتازوا» و «اقتادوا» ولقيل في «مخيط» : «مخاط» كما قيل : «مثال» و «معاش» ، فكان تصحيح «هيف» وأخواته ، مع استحقاقه ما استحقه «هاب» وأخواته ؛ دليلا على أنّ أصله «أفعل» و «أفعل» لا يبنى منه فعل تعجّب ، فجرى مجراه ما هو بمعناه ، وواقع موقعه ، وهذا التعليل هو المشهور عند النحوييّن.
وعندي تعليل آخر ، أسهل منه ، وهو أن يقال : لما كان بناء الوصف من هذا النوع على «أفعل» (٧) لم يبن منه أفعل تفضيل ؛ لئلّا يلتبس أحدهما بالآخر ، فلمّا ـ
__________________
زيدا ، وأنت تتعجب من الضرب الذي حل بزيد ، وعلة المنع كونه يلتبس بفعل الفاعل ، هكذا علله بعضهم ، فيظهر من صاحب هذا التعليل أنه يجيز التعجب من فعل المفعول إذا عدم اللبس) ا ه.
(١) الشنب ـ محركة ـ : ماء ، ورقة ، وبرد ، وعذوبة في الأسنان ، وفعله «شنب» ، كفرح. القاموس.
(٢) في المصباح المنير : دعجت العين دعجا ، من باب تعب ، وهو سعة مع سواد ، وقيل : شدة سوادها ، في شدة بياضها.
(٣) في مختار الصحاح : (اللمى : سمرة في الشفة تستحسن ، ورجل ألمى ، وجارية لمياء ، بينة اللمى) ا ه.
(٤) في المصباح المنير : (برش ، يبرش ، برشا ، فهو أبرش ، والأنثى برشاء ، مثل برص ، وزنا ومعنى) ا ه.
(٥) شهل يشهل شهلا : كانت في عينه شهلة ، والشهلة في العين : أن يشوب سوادها زرقة.
(٦) في التذييل والتكميل (٤ / ٦٧٨): (وعلة منع ذلك أن حق الفعل الذي يبنى للتعجب أن يكون قبل التعجب ثلاثيّا ، محضا ، وأصل الفعل في هذا أن يكون على وزن «أفعل» ولذلك صحت عينه في الثلاثي اللفظ ...) ا ه.
(٧) يعني نحو : أعور ، وأهيف.