.................................................................................................
______________________________________________________
الدراهم منصوبة بفعل مضمر ، دلّ عليه فعل التعجّب ، والتقدير : أعطاه الدراهم.
ولا يجوز أن تدخل اللام على المفعولين ؛ لما يلزم من تعدّي فعل بحرفي جرّ من جنس واحد ، على معنى واحد ، وذلك لا يجوز ، فإذا تعجبت من فعل من باب ظننت لم يجز التعجب منه إلّا بشرط أن يقتصر فيه على الفاعل ؛ لأنّه قد ألحق بأفعال الغرائز ، في أنّه لا يتعدّى ثم أدخلت عليه همزة النقل ، فلا يتعدّى حينئذ إلا إلى مفعول واحد ، لأنهما لو ذكرا فإمّا أن ينصبا ، أو يدخل عليهما أو على أحدهما اللام ، قال : ولا يجوز نصبهما ، ولا نصب أحدهما لما ذكر ، من أنّ «فعل» إذا نقل بالهمزة لا يتعدّى إلّا إلى منصوب واحد ، ولا يجوز إدخال اللّام عليهما لما يؤدّي ذلك إليه من تعدّي فعل بحرفي جرّ من جنس واحد ، على معنى واحد ، وهو غير جائز ، ثمّ قال : وهذا الذي ذكرته هو مذهب البصريين أما الكوفيّون فيجيزون ذكرها ، بشرط أن تدخل اللام على الأول ، وينصب الثاني ، نحو : ما أظنّ زيدا لعمرو قائما ، هذا إن أمن اللّبس ، فإن خيف اللّبس ، أدخلت اللام على كل منهما ، نحو : ما أظنّ زيدا لأخيك لأبيك قال : وما ذهبوا إليه باطل ؛ للعلّة التي تقدم ذكرها (١). انتهى ما ذكره ابن عصفور.
والذي يظهر أنّ الذي ذكره طريق النّحاة ، وما ذكره المصنّف عن ابن كيسان طريق آخر ، ولا مصادمة بين النقلين ، ولا شكّ أنّ الطريق الذي ذكره المصنّف أقرب إلى الحقّ ، ويمكن ردّ ما ذكره ابن عصفور إليه ، أمّا إذا كان الفعل من باب أعطى ، فموافقة كلامه لكلام المصنف واضحة ؛ لأنه أدخل على أحد المفعولين ، كما فعل المصنّف إلا أنّه خالف في قوله : أنّه يقتصر على أحد الفعلين ، إلّا أنّه قال : فإن جاء من كلامهم : ما أعطى زيدا لعمرو الدراهم ، كانت الدراهم منصوبة بفعل مقدّر ، وهذا الذي انتهى إليه كلام ابن عصفور آخرا هو الذي ذكره المصنّف أولا ، وأمّا إذا كان الفعل من باب ظنّ فلم يظهر لي وجوب الاعتماد على الفاعل ، إذا قصد ـ
__________________
(١) قال ابن عصفور في الشرح الكبير (١ / ٥٨٠ ، ٥٨١): (وأما ظننت فيجوز التعجب منه ومن أخواته ، بشرط الاقتصار على الفاعل ، فتقول : ما أظنني ، ولا تذكر المفعولين ، ولا أحدهما ، وتحذف الآخر ، أما ذكر أحدهما فيؤدي إلى بقاء الخبر دون مبتدأ ، أو المبتدأ دون خبر ، وباطل أن تذكر المفعولين ، لأنه لا بد من نقله إلى «فعل» و «فعل» لا يتعدى ، ولا يجوز دخول اللام على المفعولين ؛ لأنه لا يجوز دخول اللام على المبتدأ والخبر) ا ه.