.................................................................................................
______________________________________________________
صيغة «أفعل» في بعض هذه الصّور نظرا ، وذلك أنّ معنى : أحبب بزيد إلى عمرو : أحبّ زيد ، كما أن معنى : أحسن بزيد : أحسن زيد ، و «زيد» هو الفاعل ، والتقدير : صار زيد ذا حبّ إلى عمرو ، فالحبّ قائم به كما أن الحسن قائم بزيد في قولنا : أحسن بزيد ، وقد قرر أنّ المراد بقولنا : أحبب بزيد إلى عمرو ، هو الذي أريد بقولنا : ما أحبّ زيدا إلى عمرو ، و «عمرو» في هذا التركيب هو الفاعل ، كما عرفت فكيف يكون «أحبب بزيد إلى عمرو» بمعناه وقد اختلف الفاعل فيهما؟
وقال الشيخ ـ بعد أن مثّل بـ : ما أضرب زيدا لعمرو ـ : أضرب بزيد لعمرو ، وتعدية «أضرب» لـ «عمرو» باللّام مشكلة لأن معناه : أضرب زيد ، و «أضرب زيد» ، لا يتعدّى ، قال : ولا ينبغي أن يجوز هذا التركيب ، ولا يقدم عليه إلا بعد سماعه من العرب (١) انتهى. وقوله : إنّ «أضرب زيد» لا يتعدّى صحيح ، ولكونه لا يتعدّى احتيج إلى إدخال اللام على معموله ، أو يقول : أضرب بزيد لعمرو ، صار زيد ذا ضرب لعمرو ، فالمجرور باللام إمّا معمول لذلك المصدر ، والذي تضمنه معنى الكلام ، إن جوز إعمال المصدر مقدرا ، وإمّا نعت له ، والتقدير : صار زيد ذا ضرب كائن لعمرو.
البحث الثّاني :
ما ذكره المصنف ، نقلا عن المهذّب ، لابن كيسان أنّه قال : ما أكسى زيدا للفقراء الثياب ، وما أظنّ عمرا لبشر صديقا ، وأن البصريين يقدرون ناصبا للثاني ، من مفعولي «كسا وظنّ» ، وأن الكوفيين لا يقدّرون شيئا ، بل ينصبونه (٢) ، ذكر ابن عصفور خلافه ، وهو أنّه قال : إذا تعجّب من فعل ، من باب «أعطى» ؛ لا يجوز أن يبقى متعدّيا إلى مفعوليه ، بل لا بدّ إذ ذاك من الاقتصار على الفاعل وحده ، أو على الفاعل وأحد المفعولين ، بشرط أن تدخل عليه اللام ، فيقول : ما أعطى زيدا ، وما أعطى زيدا لعمرو ، وما أعطى زيدا للثياب ، قال : ولا يجوز أن يذكر المفعولين ، فيقول : ما أعطى زيدا لعمرو الدراهم ؛ لأنّ فعل التعجّب قبل دخول الهمزة لا يتعدّى ، فإذا دخلت همزة النقل تعدّى إلى واحد فإن جاء من كلامهم مثل قولك : ما أعطى زيدا لعمرو الدراهم ، فينبغي أن يحمل على أنّ ـ
__________________
(١) ينظر : المرجع السابق الصفحة نفسها.
(٢) ينظر : المرجع السابق (٤ / ٦٦٦) ، وقد تقدم في الصفحة السابقة من هذا البحث.