.................................................................................................
______________________________________________________
نحو : ما أضربني لزيد ، وما أنصرني لعمرو ، فإن كان فعل التعجّب متعدّيا بحرف جرّ عدّي به حال التعجّب ، نحو : ما أزهد زيدا في الدّنيا ، وما أبعده عن الشرّ (١) ، وما أصبره على الأذى ، فإن كان فعل التعجّب متعديا إلى اثنين جررت الأول باللام ، ونصبت الثاني عند البصريين (٢) بمضمر مجرّد مماثل لتالي «ما» نحو : ما أكسى زيدا للفقراء الثياب ، فالتقدير : يكسوهم الثياب ، وكذا يفعلون في : ما أظنّ عمرا لبشر صديقا ، يقدرون : يظنّه صديقا ، والكوفيّون لا يضمرون ، بل ينصبون الثاني [٣ / ١١٧] بتالي «ما» بنفسه (٣) ، ذكر هذه المسألة ابن كيسان في المهذّب (٤). انتهى. ويتعلق بهذا الموضوع بحثان :
الأول :
أنّ المصنف اقتصر في صورة المسألة على التمثيل لها بصيغة «ما أفعل» وأما الشيخ فإنّه مثل بالصيغتين معا ، فمثّل ـ مع : ما أحبّ زيدا إلى عمرو ـ بقوله : أحبب بزيد إلى عمرو ، ومثّل ـ مع : ما أبصر زيدا بالشّعر وما أجهل عمرا بالفقه ـ بقوله : أبصر بزيد بالشعر ، وأجهل بعمر بالفقه ، ومثل ـ مع قوله : ما أضرب زيدا لعمرو ـ بقوله : أضرب بزيد لعمرو ، ومثّل ـ مع ما أعزّ زيدا عليّ ، وما أزهده في الدّنيا ـ بقوله : أعزز بزيد عليّ ، وأزهد به في الدنيا (٥). وأقول : إنّ في استعمال ـ
__________________
(١) (وتقول : أزهد بزيد في الدنيا ، وأبعد به عن الشرّ ، والتركيب قبل هذا : زهد زيد في الدنيا ، وبعد عن الشرّ). التذييل والتكميل (٤ / ٦٦٥).
(٢ و ٣) ينظر : منهج السالك (ص ٣٨٣ ، ٣٨٤) ، وشرح التسهيل للمرادي (١٩١ / أ) وفي التذييل والتكميل (٤ / ٦٦٦): (المتعدي إلى اثنين إن كان من باب أعطى جاز أن يقتصر على ما كان فاعلا في المعنى قبل التعجب نحو : ما أعطى زيدا ، وما أكسى خالدا ، وجاز أن يعديه بعد ذلك إلى أحد المفعولين باللام ، فتقول : ما أكسى زيدا لعمرو ، وما أكسى زيدا للثياب ، فإن جاء من كلامهم : ما أعطى زيدا لعمرو الدراهم ، وما أكسى زيدا للفقراء الثياب ، فمذهب البصريين أنه ينصب بإضمار فعل ، تقديره : أعطاهم الدراهم ، أو كساهم الثياب ، ومذهب الكوفيين أنه منصوب بنفس فعل التعجب) ا ه.
(٤) كتاب المهذب لابن كيسان من الكتب المفقودة ، وقد ذكر الكتاب في بغية الوعاة ، في ترجمة ابن كيسان (١ / ١٩) ، وينظر : ذكر ابن كيسان لهذه المسألة في التذييل والتكميل (٤ / ٦٦٦) ، وشرح التسهيل للمرادي (١٩١ / أ) ، وتعليق الفرائد (٢ / ٤٤٣) ، وفي المساعد لابن عقيل (٢ / ١٥٩).
(٥) ينظر هذا التمثيل في : التذييل والتكميل (٤ / ٦٦٥).