[ما هو أولى بالاستثناء]
قال ابن مالك : (والسّابق بالاستثناء أولى من المتأخّر عند توسّط المستثنى ، وإن تأخّر عنهما فالثّاني أولى مطلقا ، وإن تقدّم فالأول أولى إن لم يكن أحدهما مرفوعا لفظا أو معنى وإن يكنه فهو أولى مطلقا إن لم يمنع مانع).
______________________________________________________
وأمّا القول الخامس : فقد ردّ بأنّه يؤدّي إلى أن يكون النصف الباقي بعد القليل من الليل وذلك مبهم وأمّا قول ابن الضّائع ـ وهو القول الثالث ـ فقريب منه قول الأبّذي : أنّه مفعول بفعل مضمر وإنّ التقدير قم نصفه ، لسلامته من المعارضات الواردة على بقية الأقوال المذكورة ، وهو يوافق قول ابن الضائع من حيث المعنى (١).
قال الشيخ : وما قاله ـ يعني الأبّذي ـ فيه نظر ، وذلك أنّه قد أمره أولا بقيام الليل إلّا قليلا ، فيكون أمرا بقيام أكثر الليل ، وتقدير قم نصفه أو انقص منه قليلا ، أو زد عليه ، يقتضي أن يكون أمرا بقيام نصف الليل أو أقلّ منه ، أو أزيد وهو مخالف للأمر الأول ، فيلزم أن يكون ناسخا له ، وليس كذلك ؛ لأنّه متّصل به ، وشرط النّاسخ أن يكون الخطاب الثّاني مرتخيا عن الأوّل ، كما ثبت في أصول الفقه. اه (٢).
وما اعترض به على الأبذي غير ظاهر ، قال الشيخ : إنّما يحكم به بعد تحقيق حكم الأول وثبوته ، ولم يتحقّق الوجوب في (قُمِ اللَّيْلَ ؛) لمجيء (نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) بعد ذلك ، وهو قرينة صارفة الأمر الأول عن الوجوب ، ويصير مقتضى الآية الكريمة على تقدير الأبّذي ، إيجاب قيام الليل مع التّخيّر بين أربعة أشياء ، قيام الليل إلّا القليل منه ، والمراد أكثره ، وقيام نصف الليل [٣ / ٤٣] وقيام النصف مع نقصان قليل منه ، وقيام النصف مع زيادة قليل عليه (٣).
قال ناظر الجيش : إذا ذكر المستثنى مع شيئين يمكن استثناؤه من كل منهما فقد يمتنع استثناؤه منهما معا وقد لا يمتنع.
أمّا القسم الأول : فأشار إليه بقوله : والسّابق أولى إن لم يمنع مانع. وحاصله : ـ
__________________
(١) أي : كونه بدل إضراب.
(٢) ينظر : تسهيل الوصول إلى علم الأصول للشيخ عبد الرحمن المحلاوي الحنفي (ص ١٢٩ ، ١٣١) ، والتذييل والتكميل (٣ / ٥٨١ ، ٥٨٢).
(٣) هذا النقل بالمعنى من التذييل والتكميل (٣ / ٥٨٢).