.................................................................................................
______________________________________________________
أنّ المستثنى له أن يتوسط بينهما أو يتأخّر عنهما ، أو يتقدّم عليهما ، فإن توسّط فالاستثناء من السّابق أولى ؛ لأنّ تأخّر المستثنى عن المستثنى منه هو الأصل ، فلا يعدل عنه إلّا بدليل ، فمن ذلك قوله تعالى : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً)(١) فالقليل مستثنى من الليل لا من النصف لما ذكرته (٢) ، وإن تأخّر جعل الاستثناء من الأخير مطلقا أي فاعلا كان أو مفعولا مراعاة للقرب ، نحو : غلب مائتي كافر مائة مؤمن إلّا اثنين ، وغلب مائة مؤمن مائتي كافر إلّا اثنين (٣). وإليه الإشارة بقوله : وإن تأخّر عنهما فالثّاني أولى مطلقا ، وإن تقدّم ولم يكن أحدهما مرفوعا ولا في معنى مرفوع ، فالاستثناء من الأوّل أولى ؛ لأنّه أقرب ، وذلك نحو : استبدلت إلا زيدا من أصحابنا بأصحابكم (٤) ، فإن كان أحدهما مرفوعا فالاستثناء منه أولى وإن تأخّر ، نحو : ضرب إلّا زيدا أصحابنا أصحابكم (٥).
وكذا إن كان أحدهما مرفوعا في المعنى دون اللفظ نحو : ملكت إلا الأصاغر عبيدنا أبناءنا (٦) ، وإلى هذا الإشارة بقوله : وإن تقدم فالأول أولى إن لم يكن أحدهما مرفوعا لفظا أو معنى وإن يكنه فهو أولى مطلقا.
ونبه بقوله : إن لم يمنع مانع على أنه قد يكون الأمر بخلاف ما قرره لمعارض وذلك نحو : طلق نساءهم الزيدون إلا الحبيبات ، وأصبى الزيدين نساؤهم إلا ذوي النهى ، ونحو : ضرب إلا هندا بنونا بناتنا ، فترك القرينة اللفظية في هذه الأمثلة ونحوها لمنع المعنى من الحمل عليها (٧).
__________________
(١) سورة المزمل : ٢.
(٢) أي : إن تأخر المستثنى عن المستثنى منه هو الأصل ، وفي المساعد لابن عقيل (١ / ٥٧٢) :(قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ) الآيتان (٢ ، ٣) من سورة المزمل ، فقليلا مستثنى من الليل لا من النصف ؛ لأن تأخر المستثنى عن المستثنى منه هو الأصل فلا يعدل عنه إلا بدليل.
(٣) ينظر : شرح المصنف (٢ / ٢٩٤) ، والمساعد (١ / ٥٧٢).
(٤) شرح المصنف (٢ / ٢٩٤) ، وفي المساعد لابن عقيل : «و (زيدا) مستثنى من أصحابنا».
(٥) ينظر : التذييل والتكميل (٣ / ٥٨٣) ، وفي المساعد لابن عقيل (١ / ٥٧٣): «والفرق أن الفاعل أصل في الجملة وكذا قال الأخفش : «لا يجوز في مثله إلا أن يكون مستثنى من الفاعل». اه.
(٦) فـ (الأصاغر) مستثنى و (أبناءنا) مستثنى منه ، وكان الأمر كذلك ؛ لأنهم هم الفاعل من حيث المعنى ؛ لأنهم المالكون ، وهو المفعول الأول ، وعبيدنا المفعول الثاني.
(٧) انظر شرح التسهيل لابن مالك (٢ / ٢٩٤) تحقيق د / عبد الرحمن السيد ، ود / محمد بدوي المختون.