.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ)(١). فقال الشيخ : هذا مفرّغ ولم يذكر المستثنى منه ، ولو صرّح به قدّر عامّا ، أي : فلا يأمن مكر الله أحد.
وهذا الذي ذكره الشيخ لا يدفع استدلال المصنف فإنه لا بدّ من تقدير الإخراج وإن كان مفرّعا ، والمخرج (الْخاسِرُونَ) وهم غير المؤمنين بالدليل الّذي ذكره.
أمّا قوله تعالى : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ)(٢) ؛ فالنّاس فيه أقوال :
أحدها : ما تقدّم عن ابن خروف وهو أنّ (نِصْفَهُ) بدل من (قَلِيلاً) وهو بدل شيء من شيء (٣). الثاني : أنّه بدل منه كالأول ، إلّا أنّه بدل بعض من كل ، والضمير للقليل. قال ابن عصفور : وجاز إن كان القليل مبهما ؛ لأنّ القليل قد يعيّن بالعادة والفرق ، أي ما يسمّى قليلا في العادة (٤). الثالث : أنّه بدل من اللّيل بدل إضراب ، قاله ابن الضائع (٥). الرابع : أنّه مفعول بفعل يدل عليه المتقدّم ، أي قم نصفه ، إن شئت فليس النصف مستثنى ، قاله الأبذي (٦). الخامس : نقله الشيخ عن بعضهم ، أنّه بدل بعض من كلّ قال : فيكون قد أمر بقيام نصف الليل ، وقد عورض القول الأوّل بأنه يلزم منه إطلاق القليل على النّصف ، ومثله يتوقف على نقل أهل اللّغة. قال ابن عصفور : ويدلّ على بطلان أن يكون القليل هو النصف أنّ النّصف ليس بقليل ، فمن قام نصف الليل لا يقال فيه : قام الليل إلّا قليلا (٧).
وأمّا القول الثاني : فقد ردّه ابن الضّائع على ابن عصفور بأنّه أراد بتعيين القليل بالعادة أنّ العادة عينت شخصه ، حتّى صار يقع على ثلث الليل مثلا فهو باطل ، بل كلّ ما دون النصف قليل ، فيقع على الثلث والربع والسدس إلى غير ذلك ، وإن أراد خلاف ذلك ، بل ما يقع عليه القليل ، فلا فائدة كبيان بإبدال النّصف منه ؛ لأنّ نصف الليل قليل أيضا (٨). ـ
__________________
(١) سورة الأعراف : ٩٩.
(٢) سورة المزمل : ٢ ، ٣.
(٣) ينظر : المساعد (١ / ٥٧١ ، ٥٧٢) تحقيق د / بركات.
(٤) ينظر : شرح الجمل لابن عصفور (٢ / ٢٠٠).
(٥) ينظر : شرح الجمل لابن الضائع (٢ / ٢١١ أ).
(٦) علي بن محمد الخشني ، أحد شيوخ أبي حيان توفي سنة ٦٠٨ ه.
(٧) ينظر : الشرح الكبير لابن عصفور (٢ / ٢٥٠ ، ٢٥١).
(٨) شرح الجمل لابن الضائع (٢ / ٢١١ أ).