[استثناء شيئين بأداة واحدة]
قال ابن مالك : (فصل ؛ لا يستثنى بأداة واحدة ـ دون عطف ـ شيئان ، وموهم ذلك بدل ومعمول عامل مضمر ، لا بدلان ؛ خلافا لقوم).
______________________________________________________
وأما الرفع فكأنّه قال : وأبوك لي ، يعني أنّه مرفوع على الابتداء ، والخبر محذوف لتقدم ما يدلّ عليه ، كأنّه قال : وعمرو لي صديق أيضا ، وهو نظير : إنّ زيدا قائم وعمرو (١). وهذا تخريج الخليل ، وخرّجه غيره على غير ذلك ، وقد نبّه عليه ابن عصفور فقال : فإن عطفت على المستثنى المقدم فإنّه يفارق العطف على المستثنى المؤخر في أنّه يجوز في العطف النصب على اللّفظ والرفع على المعنى فنقول : ما قام إلّا زيدا أحد وعمرا ؛ على لفظ (زيدا) ، وعمرو على ما كان يجوز في (زيد) لو تأخّر فكأنّك قلت : ما قام أحد إلّا زيد وعمرو ، ثمّ قال : وهذا الوجه ضعيف جدّا.
المسألة الثانية : قال الشيخ : إذا عطفت على المستثنى المقدم المنصوب اسما ؛ نصبت نحو : قام إلّا زيدا وعمرا القوم ، ولا يجوز غير النّصب ، فإن أخرت المعطوف بعد المستثنى منه فالاختيار النصب ، نحو : قام إلّا زيد القوم وعمرا ، ويجوز أن يرفع حملا على المعنى ؛ لأنّ (قام إلّا زيدا القوم) في معنى : لم يقم زيد من القوم ، فكما يجوز : لم يقم زيد من القوم وعمرو ؛ كذلك جاز : قام إلّا زيدا القوم وعمرو (٢). اه. وإذا جاز الحمل على المعنى في هذه المسألة فجواز الحمل عليه في المسألة الّتي قبلها أولى.
قال ناظر الجيش : أي : لا يقال : قام القوم إلّا زيدا عمرا ، بل إنّما يقال : قام القوم إلّا زيدا وعمرا ؛ بالعطف ، أو إلا زيدا إلّا عمرا ، بحسب ما نريد من المعنى ، على ما يأتي في الفصل بعده ، وكذا إذا استثنيت بعد الأفعال المتعدّية إلى مفعولين ، نحو : أعطيت ، لا تقول : أعطيت الناس المال ، إلّا عمرا الدنانير ، أشار إلى منع ذلك ابن السّراج (٣) قال : لأنّ حرف الاستثناء إنما يستثنى به واحد فتقول : أعطيت الناس دراهم إلّا عمرا ، ثمّ قال : فإن قلت : ما أعطيت أحدا درهما إلّا عمرا ـ
__________________
(١) الكتاب (٢ / ٣٣٥).
(٢) التذييل والتكميل (٣ / ٦٧٣).
(٣) الأصول لابن السراج (ص ٢١٩) ، والمساعد لابن عقيل (١ / ٥٧٠).