.................................................................................................
______________________________________________________
دانقا (١) ، وأردت الاستثناء ؛ لم يجز ، فإن أردت البدل جاز ، وأبدلت (عمرا) من (أحد) و (دانقا) من (دراهم) كأنّك قلت : ما أعطيت إلّا عمرا دانقا.
قال المصنف : حاصل كلامه ـ يعني ابن السراج ـ جواز أن يقال : ما أعطيت أحدا درهما إلّا عمرا دانقا ، على أن يكون الاسمان اللّذان بعد (إلّا) بدلين ، لا منصوبين على الاستثناء. وفي هذا ضعف بيّن ؛ لأنّ البدل في الاستثناء لا بدّ من اقترانه بـ (إلّا) فكان ذلك أشبه شيء بالمعطوف بحرف ، فكما لا يقع بعد حرف معطوفان ، كذلك لا يقع بعد حرف الاستثناء بدلان ، فإن ورد ما يوهم ذلك قدّر ناصب للثاني (٢) كما يقدّر خافض للثاني في نحو :
١٧١٠ ـ أكلّ امرئ تحسبين امرأ |
|
ونار توقّد بالليل نارا (٣) |
وفي منع المصنف ما أجازه ابن السراج من جعل الاسمين بعد (إلّا) في المثال المتقدم بدلين ـ نظر ؛ فإنّ غاية مستنده في المنع أنّه شبهه بالمعطوف بحرف ، كما تقدّم ، وعلى تقدير تسليم هذا الشبه لا خلاف في صحة عطف اثنين بحرف واحد ، بعد (أعطيت) وشبهه ، مما يقتضي معمولين نحو : ما أعطيت أحدا درهما عمرا دانقا ؛ لأنه يصحّ عطف معمولين على معمولين لعامل واحد ، وإذا جاز العطف جاز البدل ؛ لأنّه أسند منع البدل إلى عدم صحة العطف وقد تبيّن جوازه ، والعطف الممتنع الّذي أشار إليه المصنف إنّما هو عطف معمولين على معمولي عاملين ، كما ـ
__________________
(١) الدانق : من الأوزان وربما قيل : داناق ، كما قالوا ـ للدرهم ـ : درهام وهو سدس الدرهم ، اللسان مادة (دنق).
(٢) ينظر شرح المصنف (٢ / ٢٩٢) ، وقد نقل هذا الاعتراض الشيخ أبو حيان في التذييل والتكميل (٣ / ٥٧٦ ، ٥٧٧) ثم قال : «وفيه تعقب ؛ لأن قوله : لأن البدل في الاستثناء لا بد من اقترانه بـ (إلا) ليس بصحيح» ويمكن إبطال هذا التعقب بأن ابن مالك أراد بالبدل البدل الاستثنائي ، وهو الذي في معنى المنصوب على الاستثناء ، ولم يقصد ما أراده أبو حيان من مطلق البدل.
(٣) البيت من بحر المتقارب وهو لأبي دؤاد الإيادي ، الشاعر الجاهلي وقيل : لعدي بن زيد. المعنى :ليس كل من له صورة امرئ كاملا ، بل المرء الكامل من له خصال سنية وليس كل نار توقد بالليل نارا ، إنما النار نار توقد لقرى الزوار. والشاهد فيه : جر (نار) بـ (كل) محذوفة ، وتقديره : وكل نار ، فحذف المضاف وترك المضاف إليه بإعرابه ، ولا يجوز أن تكون معطوفة على امرئ ، والعامل فيها (كل) الأولى ؛ لئلا يلزم العطف على معمولي عاملين مختلفين. ينظر ديوان عدي بن زيد (ص ١٩٩) ، والكتاب (١ / ٦٦) ، والإنصاف (ص ٢٥١) ، والمقرب (١ / ٢٣٧) ، والهمع (٢ / ٥٢).