.................................................................................................
______________________________________________________
وقد علمت أنّ عبارة المصنّف ـ في المتن ـ تقتضي امتناع التقديم وأنّ تمثيله بنحو : القوم إلّا زيدا ذاهبون ؛ تقتضي جوازه ، وأمّا تقديمه على المستثنى منه نحو : قام إلّا زيدا القوم ، فنقل الشيخ أنّه لا خلاف في جوازه ومن ذلك ما أنشده سيبويه :
١٧٠٨ ـ النّاس ألب علينا فيك ليس لنا |
|
إلّا السّيوف وأطراف القنا وزر (١) |
وأنشد الزّجّاجي (٢) :
١٧٠٩ ـ وما لي إلّا آل أحمد شيعة |
|
وما لي إلّا مشعب الحقّ مشعب (٣) |
وجعل المصنف التقديم في نحو : قام إلّا زيدا القوم ، أقوى منه في نحو [٣ / ٤١] : ضربت إلّا زيدا القوم ، قال : لأنّ طلب الفعل لما هو فضلة ليس كطلبه لما هو عمدة ، وتقدم ما يطلب المستثنى منه وهو عمدة ، بمنزلة تقدمه نفسه ، وليس كذلك تقدم ما يطلب المستثنى منه ، وهو فضلة ، ونظير ما أنشده سيبويه من تقديم المستثنى على المستثنى منه ما نقله المصنّف عن الأخفش من قوله : هاهنا إلّا زيدا قومك ، وأين إلّا زيدا قومك ، وكيف إلّا زيدا قومك؟.
وأمّا تقديمه على المنسوب إلى المستثنى منه فقط ، نحو : القوم إلّا زيدا ضربت ، فيظهر أنه في الجواز كالقسم الّذي قبله بل أولى ، وكأنّه لوضوحه لم يتعرّض المصنف لتمثيله ولنختم الكلام على هذا الفصل بمسألتين تتعلقان بالاستثناء المقدم من جهة العطف :
إحداهما : ما نبّه عليه سيبويه ، وهي : ما لي إلّا زيدا صديق وعمرا. وعمرو ، وما لي إلّا إيّاك صديق وزيدا ، وزيد. قال سيبويه : فأمّا النصب فعلى الكلام الأول ـ
__________________
(١) نسبه أبو حيان ـ التذييل والتكميل (٣ / ٥٨٢) إلى كعب بن مالك ، وهو في ديوان حسان بن ثابت ـ رضي الله تعالى عنه ـ (ص ١١٩) ، الألب ـ بفتح الهمزة ، وكسرها ـ : القوم يجتمعون على عداوة إنسان ، وفيك : يعني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والوزر : الملجأ.
والشاهد : في الشطر الثاني ؛ حيث تقدم المستثنى وهو (السيوف) على المستثنى منه وهو (وزر).
ينظر : الكتاب (٢ / ٣٣٦) ، والإنصاف (ص ١٥٩) ، وشرح المفصل (٢ / ٧٩) ، والبيت من البسيط.
(٢) الجمل للزجاجي (ص ٢٢٨).
(٣) قائله الكميت. والبيت من الطويل ، ويروى (مذهب) بدل (مشعب) والمعنيان متقاربان.
والشاهد : في شطريه ؛ حيث تقدم المستثنى على المستثنى منه فيهما ، ينظر : المقتضب (٤ / ٣٩٨) ، والإنصاف (ص ١٥٩) ، وشرح المفصل (٢ / ٧٩) ، والخزانة (٢ / ٢٠٧).