[تقديم المستثنى]
قال ابن مالك :
(ولا يقدّم دون شذوذ المستثنى على المستثنى منه ، والمنسوب إليه معا ؛ بل على
أحدهما ، وما شذّ من ذلك فلا يقاس عليه خلافا للكسائيّ).
______________________________________________________
قال ناظر الجيش
: المستثنى جار من المستثنى منه مجرى الصفة المختصّة ، من الموصوف بها ومجرى
المعطوف بـ (لا) من المعطوف عليه ، فكما لا تتقدّمان على متبوعهما ، كذا ينبغي أن
لا يتقدم المستثنى على المستثنى منه ، لكن تقدّم الصفة والمعطوف غير ممكن من جهة
أنّ التابع لا يتقدم على المتبوع ، بخلاف المستثنى ، فلهذا إذا تقدّم أول الكلام
ما يشعر بالمستثنى منه ما هو مسند إليه أو واقع عليه جاز تقدمه ، نحو : قام إلّا
زيدا القوم ، وضربت إلّا زيدا القوم ، قاله المصنف ، فلو لم يتقدم ما يشعر
بالمستثنى منه من مسند أو واقع لم يجز التقديم ، وإليه الإشارة بقوله : ولا يتقدم
دون شذوذ المستثنى على المستثنى منه والمنسوب إليه معا ، بل على أحدهما ؛ فعلم
بذلك أنّه لا يجوز : إلّا زيدا قام القوم ، وإلّا زيدا ضربت القوم . وإنما قال : والمنسوب إليه ؛ ليشمل المسند والواقع ،
وممّا مثّل به المصنف في الجائز التقديم :القوم إلّا زيدا ذاهبون ، وأدرجه في التّمثيل
مع : (ما قام إلّا زيدا القوم) ولا ينتظم لي تمثيله بـ : القوم إلّا زيدا ذاهبون ،
مع قوله في المتن : إنّه لا يتقدم المستثنى على المستثنى منه ، والمنسوب إليه معا
؛ لأنه قدّم عليهما في المثال المذكور ، فإنّ المستثنى منه الضمير ، وذاهب مسند
إليه إلّا أن يقول : قد تقدم ما يشعر بالمستثنى منه وهو القوم ؛ لإشعاره بالضّمير
من حيث إنّ مدلولهما واحد ، وإذا جاز التقديم في مثل :قام إلّا زيدا القوم لتقدّم (قام)
المشعر بالمسند إليه من حيث هو مسند ، جاز : القوم إلّا زيدا ذاهبون ، من طريق
أولى ، لكن ينكر عليه كونه قيّد المشعر المتقدم بكونه مسندا إلى المستثنى منه أو
واقعا عليه ، ولو أطلق فقال : إذا تقدم ما يشعر به كان المثال المذكور مندرجا تحت
الإطلاق.
ونحن نتذكر
أحوال التقديم لننبّه على محلّ الوفاق ومحلّ الخلاف منها ، فنقول : ـ
__________________