.................................................................................................
______________________________________________________
المستثنى إمّا أن يتقدم أول الكلام أو يقدّم على المستثنى منه دون المنسوب إليه مع توسطه بين جزئي كلام ، أو يقدّم على المستثنى منه ، أو يقدّم على المنسوب دون المستثنى منه ، أمّا تقديمه أول الكلام فلم يجزه أحد إلّا الكسائي (١).
قال الشيخ : والزجاج ـ أيضا ـ (٢) واستدلّ لهما بقول الشاعر :
١٧٠٢ ـ خلا الله لا أرجو سواك وإنّما |
|
أعدّ عيالي شعبة من عيالكا (٣) |
وبقول الآخر ـ وهو استثناء منقطع ـ :
١٧٠٣ ـ وبلدة ليس بها طوريّ |
|
ولا خلا الجنّ بها إنسيّ (٤) |
ففي تقديم (خلا) إشعار بتقديم (إلّا) لأنّها الأصل ولا يقع الفرع في موضع لا يقع فيه الأصل ، فعلى هذا جوّز الكسائيّ (٥) إلّا زيدا قام القوم ؛ قياسا ، وحكم الجمهور على ما استدل به بالشذوذ ، وعن ذلك احترز المصنف بقوله : دون شذوذ.
ووجه الشذوذ بأن قال : قد يكون المستثنى منه جائز التقديم ، فيقدر وقوعه مقدما ويقدم لذلك المستثنى عليه وعلى ما عمل فيه ، وأنشد البيتين المتقدّمين ، ثمّ قال قدّر أنّه قال : سواك خلا الله إلّا أرجو ، وأنّه قال : ولا بها إنس خلا الجنّ ، فاستجاز مع المقدّر ما استجاز مع المحقّق.
وأمّا تقديمه على المستثنى منه وما نسب إليه وهو متوسّط الكلام ففيه ثلاثة مذاهب ، ـ
__________________
(١) ينظر : الارتشاف (٢ / ٣٠٧) ، والكسائي وأثره في الدراسات النحوية (ص ١٩١ ، ١٩٢).
(٢) ينظر : التذييل والتكميل (٣ / ٥٦٧).
(٣) البيت من الطويل ، وقد نسب في معجم الشواهد (ص ٢٥٥) إلى الأعشى ، وليس في ديوانه.
والشاهد في قوله : «خلا الله لا أرجو سواك» ؛ حيث استدل به من ذهب إلى جواز تقديم المستثنى وجعله أول الكلام. ينظر : الخزانة (٢ / ٣) ، والتصريح (١ / ٣٦٣) ، والهمع (١ / ٢٢٦ ، ٢٣٣) ، والدرر (١ / ١٩٣ ، ١٩٧) ، والأشموني (٢ / ١٦٣).
(٤) بيتان من بحر الرجز للعجاج.
اللغة : طوري : بمعنى أحد ولا يستعمل إلا مع النفي ، وروي : طوئي ، بمعنى طوري أيضا ، والشاهد فيه : ـ كالذي قبله ـ حيث استدل به من ذهب إلى جواز تقديم المستثنى أول الكلام. ينظر : ديوان العجاج برواية : «وخفقة ليس بها طوئي» ، أمالي القالي (١ / ٢٥١) ، الإنصاف (١٥٩ ، ١٦٠) ؛ الخزانة (٧ / ٢) ، والهمع (١ / ٢٢٦ ، ٢٣٢) ، والدرر (١ / ١٩٣).
(٥) في المساعد لابن عقيل (١ / ٥٦٩): «والزجاج ، ونقله ابن الخباز في النهاية عن الكوفيين ، وابن العلج في البسيط عن طائفة منهم». اه.