.................................................................................................
______________________________________________________
البعير ، وعلى واحد من الألف بأنه نعم المال (١).
والمسوغ الآخر : ذكره غيره ، يعني بغيره : صاحب التسهيل ، وهو المصنف ـ رحمهالله تعالى ـ وهو أنه إذا كان الخبر جملة مشتملة على فائدة جاز تنكير المبتدأ ، ولكن يجب تأخيره ، وذلك نحو : قصدك غلامه رجل [فإنه يجوز] كما يجوز :عندك رجل ، وفي الدّار امرأة (٢) وعلة ذلك قد ذكرت في باب المبتدأ [لأنّ في تقديم الجملة ما في تقدّم الظرف ، من رفع توهّم الوصفيّة ، مع عدم قبول الابتداء] ولا شكّ أنّ الأمر في نحو : نعم البعير جمل ، كذلك ، إلا أنّه لا يجوز تقديم هذا المبتدأ ؛ لأنّ تقديم الخبر هو المسوغ للابتداء به.
وإنّما ذكرت هذا الذي ذكرته ليظهر أنّ ما ذهب إليه المصنف من أنّ المخصوص حال ذكره بعد الجملة مبتدأ مخبر عنه بها ، كحاله إذا كان مذكورا قبلها ، هو الحقّ ، وإن كان ما ألزم به المخالف لهذا المذهب لم يثبت ؛ إذ لا يلزم من إبطال دليل على شيء إبطال ذلك الشيء نفسه ، فقد يكون له دليل آخر.
البحث الرابع :
ما ذهب إليه ابن عصفور ، من أنّ المخصوص في نحو : نعم رجلا زيد ، يجوز كونه مبتدأ محذوف الخبر ، قد عرفت أنّ المصنّف ردّه من جهة الصناعة بما تقدّم ذكره ، وقد يضعف قول ابن عصفور من وجه آخر ، وذلك أنّ الشيء قد يكون له أمران ، وذانك الأمران معروفان في أصلهما للسامع ، لكنّه عالم باتصاف ذلك الشيء بأحد الأمرين دون الآخر.
فالمتكلم ـ حينئذ يجب أن يعمد إلى الأمر الذي يعلم السامع أنّه ثابت لذلك الشيء ، فيجعله مبتدأ ، ويعمد إلى الأمر الذي لا يعلم السامع أنّه كذلك ، فيجعله خبرا ، ليفيد السامع ما كان يجهله ، من ثبوت الأمر الثاني لذلك الشيء ، وإذا كان كذلك فلا شكّ أنّ قصد المتكلّم بنحو : «نعم الرجل زيد» الإخبار بأنّ الممدوح هو زيد ؛ لأنّ السامع قد علم من (نعم الرجل) ثبوت المدح لواحد ، وكونه (زيدا) ـ
__________________
(١) في نقل هذا الكلام عن الشيخ أبي حيّان تصرف ، واختصار ، ينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٥٤٠) ومنهج السالك (ص ٣٩٨).
(٢) ينظر : منهج السالك (ص ٣٩٨) ، والتذييل والتكميل (٤ / ٥٤٢).