.................................................................................................
______________________________________________________
أولها : أنها جنسيّة ، والمراد الجنس حقيقة (١) ، ودليله : أنهم التزموا في الفاعل ، أو فيما أضيف هو إليه اللّام (٢) ، أو كونه مضمرا ، مفسره اسم الجنس ، فلولا أنّ المراد الجنس حقيقة ما التزموا ذلك ، وأنهم يقولون ـ في فصيح الكلام ـ : نعم المرأة ، ولو لا إرادة الجنس ما ساغ إسناد الفعل إلى المؤنث الحقيقيّ (٣) دون فصل ، بغير تاء التأنيث ، فعلى هذا إذا قلت : نعم الرجل زيد ، فكأنّك قلت : نعم جنسه ، الذي هو الرجال فينجرّ لزيد الثناء معهم ، ثم تخصّه بالذكر ؛ تنبيها على أنه المقصود بالمدح ؛ لتحصل المبالغة في مدحه ، ويقوي ذلك أنّ نحو : «زيد نعم الرجل» لا رابط في الجملة الواقعة فيه خبرا ، يربطها بالمبتدأ ، إلا العموم المفهوم من الرّجل ، فلولا أنّ المراد الجنس لما حصل العموم ، وأورد على هذا الوجه قولهم : نعم الرجلان ، ونعم الرجال ، والجنس لا يثنّى ولا يجمع ، وأجيب عنه بأنّ كلّا من المثنّى والمجموع جعل جمع الجنس. وفيه نظر ، وقد ردّ كون المراد الجنس حقيقة بأمرين :
أحدهما : أنك إذا مدحت الجنس جعلت المقصود بالمدح تبعا فيصير المقصود غير مقصود (٤).
ثانيهما : أنّه يؤدي إلى التكاذب ، فيما إذا قلت : نعم الرجل زيد ، وبئس الرجل عمرو ، ووصفت بهاتين الجملتين معا ، وقد قال الله تعالى : (نِعْمَ الْعَبْدُ)(٥) لنبيّه أيّوب ، صلّى الله على نبيّنا وعليه وسلم ، وليس كلّ العبد ممدوحا.
ثانيها (٦) : أنها جنسية مجازا ، وذلك بأن يجعل الممدوح هو جميع الجنس كلّه مبالغة ، فإذا قلت : زيد نعم الرجل ، فكأنك قلت : زيد نعم الذي هو جنس الرجال ـ
__________________
(١) في التذييل والتكميل (٤ / ٤٦١) رسالة : «فقال قوم : هي جنسية حقيقة ، فإذا قلت : نعم الرجل زيد ، فالرجل عام ، والجنس كله هو الممدوح ، وزيد مندرج تحت الجنس ؛ لأنه فرد من أفراده». اه.
(٢) ينظر : منهج السالك (ص ٣٨٨) ، والتذييل والتكميل (٤ / ٤٦١) وشرح التسهيل للمرادي (١٨٢ / ب).
(٣) في التذييل والتكميل (٤ / ٤٦٢): «والوجه الثاني : قول العرب في فصيح كلامها : نعم المرأة هند ، وبئس المرأة جمل ، فلا تلحقهما تاء التأنيث ، ولا يقولون : قام فلانة ، في فصيح الكلام ، فدل ذلك على أن (أل) للجنس ...». اه.
(٤) في التذييل والتكميل (٤ / ٤٦٣) ذكر الشيخ أبو حيان هذا الكلام ، وزاد عليه قوله : «ولأن ما ثبت للشيء على جهة الشركة فيه لا يكون مدحا يؤثر ميلا إلى الممدوح بخصوصيته ، والمراد بالمدح ذلك». اه.
(٥) سورة ص : ٤٤.
(٦) راجع إلى قوله : أربعة أمور.