.................................................................................................
______________________________________________________
ولو لم تقصد غير مدح زيد بذلك.
والعرب قد تجعل المفرد بمنزلة الجنس كلّه ، مبالغة في المدح ، فمن كلامهم :«أكلت شاة كلّ شاة» فجعلوا الشاة المأكولة هي جميع الشياة مبالغة ، وهكذا يكون نظيره في الذمّ ، قالوا : وعلى هذا التقرير لا إشكال في التثنية والجمع ؛ لأنّ كلّا منهما يجعل الجنس مجازا فالجنس هو الرجلان ، أو الرجال ، مثلا ، وأورد على هذا الوجه أنّ ربط الخبر بالمبتدأ في نحو : زيد نعم الرجل يكون المعنى نظير قولنا :زيد قام أبو عمرو ، إذا كان أبو عمرو كنية لزيد ، وسيبويه لا يجيزه (١) ، وأجيب عن ذلك بأنّ المنع في نحو : زيد قام أبو عمرو إنما هو من أجل أنّ (أبا عمرو) لا يفهم منه أنّ المراد به زيد ، ولو فهم لجاز ، وأمّا نحو : زيد نعم الرجل ، فليس فيه ما يلتبس به زيد ؛ لأنّه الجنس كلّه ، والجنس لا ثاني له فيلتبس به.
ثالثها (٢) : أنّها عهدية والمراد العهد الخارجيّ (٣) ، فالمراد بالرجل في قولنا : «زيد نعم الرجل» الممدوح خاصة ، وكذا المراد المذموم خاصة في قولنا : «زيد بئس الرجل» حتّى كأنّك تريد : نعم هو وادّعى القائل بهذا الوجه (٤) جواز الرّبط بالمعنى ، متمسكا بمذهب الأخفش ، في إجازة ذلك (٥). أو يقول : إنّ سيبويه لا يمنع الربط بالمعنى على الإطلاق ، فإنّما منعه في نحو : زيد قام أبو عمرو لما تقدم وهو كلام لا يبعد أن يكون متوجها.
رابعها : أنّها عهدية والمراد العهد الذهني (٦) ، وهذا الوجه هو الذي عليه الشيخ أبو عمرو بن الحاجب رحمهالله ؛ فإنّه قال : وإنّما امتازت هذه الأفعال بأنّ فاعلها لا يكون إلا باللام ، أو مضمرا مفسرا بنكرة منصوبة من جهة أنهم قصدوا إبهام الممدوح أولا ، ثمّ تفسيره فلذلك أتوا به على هذه الصفة ، ووجه الإبهام فيما فيه ـ
__________________
(١) ينظر التذييل والتكميل (٤ / ٤٦٤) رسالة ، وتوضيح المقاصد للمرادي أيضا (٣ / ٨٤) وفي المقرب لابن عصفور (١ / ٦٧): «وكأنك جعلت الممدوح أو المذموم جميع الجنس على حد قولهم : «أكلت شاة كل شاة» لما أثنوا على قد الشاة بالسمنة جعلوها جميع الجنس». اه.
(٢) أي : الأمور الأربعة.
(٣) أي : العهد في الشخص الممدوح.
(٤) في التذييل والتكميل (٤ / ٤٦٦): «وإلى هذا ذهب الأستاذ أبو اسحاق بن ملكون ، من أصحابنا ، وأبو منصور الجواليقي اللغوي من أهل بغداد». اه.
(٥) ينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٤٦٦).
(٦) ينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٤٦٥) رسالة.